«اهل البيت(عليهم السلام) و السياسة»

  1. خانه
  2. »
  3. الإمام حسن المجتبی (علیه السلام)
  4. »
  5. «اهل البيت(عليهم السلام) و السياسة»

سأل الإمام حسن بن علي (عليهما السلام) شخص عن رأيه في السياسة؟

فقال (عليه السلام): “هي أن ترعى حقوق اللّه، و حقوق الاحياء، و حقوق الأموات فأما حقوق الله: فأداء ما طلب، و الإجتناب عما نهی و أما حقوق الأحياء: فهي أن تقوم بواجبک نحو اخوانک، و لا تتأخر عن خدمة أمتک، و أن تخلص لولى الأمر ما اخلص لأمته، و أن ترفع عقيرتک في وجهه إذا ما حاد عن الطريق السوى و أما حقوق الأموات: فهي أن تذکر خيراتهم، و تتغاضى عن مساوئهم فان لهم ربا يحاسبهم‏”(1)

عند أهل البيت(عليهم السلام) إن السياسة التي يجب أن تسود جميع انحاء البلاد هي السياسة البناءة التي تضمن مصالح المجتمع، و تعمل على ايجاد الوسائل السليمة لرقيه و بلوغ أهدافه و آماله‏.

أما جملة من أهم أهداف التي کان أهل البيت (عليهم السلام) رُوّادها، و يمکن أن نراه في تصرّف إمام أمير المؤمنين و الإمام حسن بن علي (عليهما السلام) السياسي فهي کما يلي:

الف- العدل‏ ‏:

إن السياسة في الإسلام بجميع مفاهيمها تتبنّی علی أساس العدل، و تؤمن به إيمانا مطلقا، و ترکّز جميع أهدافها على أضوائه‏ إلي أن الحاکم إذا انحرف في حکمه وجب عزله، کما أن أمير المؤمنين(عليه السلام) قد عزل أحد ولاته حينما أخبرته “سودة بنت عمارة الهمدانية” بأنه قد جار في حکمه.(2)

ب- الصراحة و الصدق‏‏:

ان السياسة الرشيدة التي رفع رايتها أهل البيت(عليهم السلام) تسير على ضوء الصدق و الواقع فلا توارب، و لا تنافق، و لا تغري الشعوب بالوعود الکاذبة، و لا تمنيها بالأماني المعسولة، رائدها في جميع مخططاتها الصراحة و الصدق.

و سار الإمام الحسن (عليه السلام) على هذه المخططات في عالم السياسة و الحکم، فلم يعتمد على‌اي وسيلة لا يقرّها الدين،کما قد أدلى (عليه السلام) بذلک الى سليمان بن صرد فقال له: “و لو کنت بالحزم في أمر الدنيا، و للدنيا أعمل، و أنصب، ما کان معاوية بأبأس مني، و أشد شکيمة، و لکان رأيي غير ما رأيتم.”(3)

و دلّ ذلک على أنه لو کان يعمل للدنيا لکان أقوى عليها من خصومه و يغلب عليهم و لکنه (عليه السلام) أحرص المسلمين على صيانة الإسلام و رعايته.

ج- کفاءة الولاة و العمال‏‏:

و يرى أهل البيت (عليهم السلام) أن الموظفين في جهاز الحکم لا بد أن يکونوا من خيرة الرجال في الجدارة و النزاهة و الکفاءة و القدرة على إدارة شؤون البلاد، ليضعوا المصلحة العامة نصب أعينهم، و يسيروا بين الناس سيرة قوامها العدل الخالص و الحق المحض، و يکونوا أمناء فيما يجبونه من الناس و فيما ينفقونه على المرافق العامة.

د- الخدمة العسکرية:

و لم تقض سياسة أهل البيت بارغام الناس على الخدمة العسکرية، فلم يؤثر عنهم أنهم أکرهوا الناس على الخروج الى الحرب، و إنما کانوا يدعون الى الجهاد کفرض من فروض اللّه فمن شاء أن يخرج خرج مؤديا لما فرض عليه، و من قعد فانما يقعد غير تمتثل لما أوجبه الله عليه من دون أن ينال عقوبة أو يتعرض للسخط و الارهاب،لأن الجهاد فرض فيجب علي المؤمن أن يشارک فيه و لکنه مختار في عمله و کانت هذه خطة الحسن (عليه السلام) لما أراد مناجزة معاوية، فانه لم يکره أحدا على ذلک، و على عکس ذلک سار بنو أمية، فانهم کانوا يفرضون أشد العقاب على من تخلف عن الحرب،(4) و لو أن الامام الحسن (عليه السلام) أجبر جيشه على الطاعة، و أنزل العقاب الصارم بالمتمردين و المتخاذلين، و عاقب على الظنة و التهمة لما اصيب جيشه بتلک الزعازع و الانتکاسات، لتغير ما وقع و لکنه (عليه السلام) قد سلک الطريق الواضح الذي لا تعقيد فيه و لا التواء، و إنما ندبهم الى الجهاد. (5)

ه- السياسة المالية:

أما السياسة المالية التي انتهجها أهل البيت (عليهم السلام) فکانت تلزم بصرف الخزينة المرکزية على المصالح العامة کإنشاء المؤسسات، و ايجاد المشاريع الحيوية التي تنتظم بها الحياة، و يقضى بها على شبح الفقر و الحرمان، و لا يسوغ عندهم صرف درهم واحد فيما لا تعود فيه منفعة أو فائدة للأمة، و قد احتاطوا فى هذه الجهة احتياطا بالغا.

و لو أن الإمام الحسن (عليه السلام) انحرف عن هذا المنهج، و نهج في سياسته منهج من يعمل للدنيا، و سلک مسلک من يبغي الملک و السلطان، فراوغ و داهن، و أنفق المال في غير محله، لما آل الأمر الى معاويه الذي سلک جميع الوسائل في سبيل الوصول الى الحکم، و لکنه (عليه السلام) آثر صيانة الاسلام، و الحفاظ على مقدراته و معنوياته، فسار بسيرة جده و أبيه التي لا تقر کل طريق يتصادم مع الدين و يري جميع الناس في التمتع من بيت المال سواء.

نعم! فإن السياسة الأصيلة عند أهل البيت هي التي لا تعتمد على المکر و المواربة و الخداع و التهريج و التضليل و غير ذلک من الأساليب التي لا تحمل جانبا من الواقعية، و انها لا بد أن تکون صريحة واضحة في جميع أهدافها و معالمها، لتحقق العدل فى البلاد.

 (مأخوذ من کتاب “حياة الامام الحسن بن علي (عليهما السلام)، تأليف: حجة الإسلام باقر شريف القرشي”)

يبارک موقع الرشد، 15 من رمضان المبارک،

مسلمي العالم و اصدقاء الموقع الأعزاء خصوصاً بذکرى مولد

کريم أهل البيت (عليهم السلام)،

الإمام الحسن المجتبي (عليه السلام).

الهوامش:

1- التذکره المعلوفيه، المجلد 9

2- عقد الفريد، المجلد 1، الصفحة 211

3- تنزيه الأنبياء، الصفحة 171

4- للمثال أن عبيد الله بن زياد الذي نصبه يزيد واليا لکوفة ضعّف مواجب أهل الکوفة من بيت المال و قد واجه من لا يري في الحرب بغلظة.

سأل الإمام حسن بن علي (عليهما السلام) شخص عن رأيه في السياسة؟

فقال (عليه السلام): “هي أن ترعى حقوق اللّه، و حقوق الاحياء، و حقوق الأموات فأما حقوق الله: فأداء ما طلب، و الإجتناب عما نهی و أما حقوق الأحياء: فهي أن تقوم بواجبک نحو اخوانک، و لا تتأخر عن خدمة أمتک، و أن تخلص لولى الأمر ما اخلص لأمته، و أن ترفع عقيرتک في وجهه إذا ما حاد عن الطريق السوى و أما حقوق الأموات: فهي أن تذکر خيراتهم، و تتغاضى عن مساوئهم فان لهم ربا يحاسبهم‏”(1)

عند أهل البيت(عليهم السلام) إن السياسة التي يجب أن تسود جميع انحاء البلاد هي السياسة البناءة التي تضمن مصالح المجتمع، و تعمل على ايجاد الوسائل السليمة لرقيه و بلوغ أهدافه و آماله‏.

أما جملة من أهم أهداف التي کان أهل البيت (عليهم السلام) رُوّادها، و يمکن أن نراه في تصرّف إمام أمير المؤمنين و الإمام حسن بن علي (عليهما السلام) السياسي فهي کما يلي:

الف- العدل‏ ‏:

إن السياسة في الإسلام بجميع مفاهيمها تتبنّی علی أساس العدل، و تؤمن به إيمانا مطلقا، و ترکّز جميع أهدافها على أضوائه‏ إلي أن الحاکم إذا انحرف في حکمه وجب عزله، کما أن أمير المؤمنين(عليه السلام) قد عزل أحد ولاته حينما أخبرته “سودة بنت عمارة الهمدانية” بأنه قد جار في حکمه.(2)

ب- الصراحة و الصدق‏‏:

ان السياسة الرشيدة التي رفع رايتها أهل البيت(عليهم السلام) تسير على ضوء الصدق و الواقع فلا توارب، و لا تنافق، و لا تغري الشعوب بالوعود الکاذبة، و لا تمنيها بالأماني المعسولة، رائدها في جميع مخططاتها الصراحة و الصدق.

و سار الإمام الحسن (عليه السلام) على هذه المخططات في عالم السياسة و الحکم، فلم يعتمد على‌اي وسيلة لا يقرّها الدين،کما قد أدلى (عليه السلام) بذلک الى سليمان بن صرد فقال له: “و لو کنت بالحزم في أمر الدنيا، و للدنيا أعمل، و أنصب، ما کان معاوية بأبأس مني، و أشد شکيمة، و لکان رأيي غير ما رأيتم.”(3)

و دلّ ذلک على أنه لو کان يعمل للدنيا لکان أقوى عليها من خصومه و يغلب عليهم و لکنه (عليه السلام) أحرص المسلمين على صيانة الإسلام و رعايته.

ج- کفاءة الولاة و العمال‏‏:

و يرى أهل البيت (عليهم السلام) أن الموظفين في جهاز الحکم لا بد أن يکونوا من خيرة الرجال في الجدارة و النزاهة و الکفاءة و القدرة على إدارة شؤون البلاد، ليضعوا المصلحة العامة نصب أعينهم، و يسيروا بين الناس سيرة قوامها العدل الخالص و الحق المحض، و يکونوا أمناء فيما يجبونه من الناس و فيما ينفقونه على المرافق العامة.

د- الخدمة العسکرية:

و لم تقض سياسة أهل البيت بارغام الناس على الخدمة العسکرية، فلم يؤثر عنهم أنهم أکرهوا الناس على الخروج الى الحرب، و إنما کانوا يدعون الى الجهاد کفرض من فروض اللّه فمن شاء أن يخرج خرج مؤديا لما فرض عليه، و من قعد فانما يقعد غير تمتثل لما أوجبه الله عليه من دون أن ينال عقوبة أو يتعرض للسخط و الارهاب،لأن الجهاد فرض فيجب علي المؤمن أن يشارک فيه و لکنه مختار في عمله و کانت هذه خطة الحسن (عليه السلام) لما أراد مناجزة معاوية، فانه لم يکره أحدا على ذلک، و على عکس ذلک سار بنو أمية، فانهم کانوا يفرضون أشد العقاب على من تخلف عن الحرب،(4) و لو أن الامام الحسن (عليه السلام) أجبر جيشه على الطاعة، و أنزل العقاب الصارم بالمتمردين و المتخاذلين، و عاقب على الظنة و التهمة لما اصيب جيشه بتلک الزعازع و الانتکاسات، لتغير ما وقع و لکنه (عليه السلام) قد سلک الطريق الواضح الذي لا تعقيد فيه و لا التواء، و إنما ندبهم الى الجهاد. (5)

ه- السياسة المالية:

أما السياسة المالية التي انتهجها أهل البيت (عليهم السلام) فکانت تلزم بصرف الخزينة المرکزية على المصالح العامة کإنشاء المؤسسات، و ايجاد المشاريع الحيوية التي تنتظم بها الحياة، و يقضى بها على شبح الفقر و الحرمان، و لا يسوغ عندهم صرف درهم واحد فيما لا تعود فيه منفعة أو فائدة للأمة، و قد احتاطوا فى هذه الجهة احتياطا بالغا.

و لو أن الإمام الحسن (عليه السلام) انحرف عن هذا المنهج، و نهج في سياسته منهج من يعمل للدنيا، و سلک مسلک من يبغي الملک و السلطان، فراوغ و داهن، و أنفق المال في غير محله، لما آل الأمر الى معاويه الذي سلک جميع الوسائل في سبيل الوصول الى الحکم، و لکنه (عليه السلام) آثر صيانة الاسلام، و الحفاظ على مقدراته و معنوياته، فسار بسيرة جده و أبيه التي لا تقر کل طريق يتصادم مع الدين و يري جميع الناس في التمتع من بيت المال سواء.

نعم! فإن السياسة الأصيلة عند أهل البيت هي التي لا تعتمد على المکر و المواربة و الخداع و التهريج و التضليل و غير ذلک من الأساليب التي لا تحمل جانبا من الواقعية، و انها لا بد أن تکون صريحة واضحة في جميع أهدافها و معالمها، لتحقق العدل فى البلاد.

 (مأخوذ من کتاب “حياة الامام الحسن بن علي (عليهما السلام)، تأليف: حجة الإسلام باقر شريف القرشي”)

يبارک موقع الرشد، 15 من رمضان المبارک،

مسلمي العالم و اصدقاء الموقع الأعزاء خصوصاً بذکرى مولد

کريم أهل البيت (عليهم السلام)،

الإمام الحسن المجتبي (عليه السلام).

الهوامش:

1- التذکره المعلوفيه، المجلد 9

2- عقد الفريد، المجلد 1، الصفحة 211

3- تنزيه الأنبياء، الصفحة 171

4- للمثال أن عبيد الله بن زياد الذي نصبه يزيد واليا لکوفة ضعّف مواجب أهل الکوفة من بيت المال و قد واجه من لا يري في الحرب بغلظة.

5- کما قد فعل ذلک أمير المؤمنين (عليه السلام) من قبل في حرب الجمل وصفين و النهروان‏.

5- کما قد فعل ذلک أمير المؤمنين (عليه السلام) من قبل في حرب الجمل وصفين و النهروان‏.