ربما في بعض الأوقات اذ نکن في وحدة قد مرّ على فكرنا بأننا ما زلنا في حياتنا العامة مشغولين بـالكسب و العمل و… فوق الحد ، و لكن في جهة أخری لم نتوجه كثيراً لنمو الشخصية و الكمال و رفع النواقص في أنفسنا. علی أنه مع كل الصعوبات و الأفراح، سیصل عمر الإنسان بالنهاية …
قد نسعى لنجد صديقٌ جيد و حميم لكي يعطينا برنامج و أوامر عملية و يساعدنا في طریق السعادة. لكن الى هذا الوقت هل نطلب هذه القواعد من أهل البيت (عليهم السلام)؟
عرض الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) في رسالة کتبها لأحد شيعته و هو “علي بن بابويه القمي” (1)، وصفة عمومية للنمو و كمال الشيعة و یقول:
“أما بعد اوصیك یا شیخي و معتمدي و فقیهي أبا الحسن علي بن الحسین بن بابویه القمي – وفقك الله لمرضاته و جعل من صلبك أولاداً صالحین برحمته – بتقوى الله و إقام الصلاة و إیتاء الزکاة فإنه لا تقبل الصلاة من مانع الزکاة و أوصیك بمغفرة الذنب و کظم الغیظ و صلة الرحم و مواساة الاخوان و السعي في حوائجهم فی العسر و الیسر و الحلم و التفقه فی الدین و التثبت فی الأمر و التعاهد للقرآن و حسن الخلق و الأمر بالمعروف و النهي عن المنکر، فان الله عز و جل قال: لا خیر فی کثیرٍ من نجواهم إلا من أمر بصدقةٍ أو معروفٍ أو إصلاحٍ بین الناس(2) و اجتناب الفواحش کلها و علیك بصلاة اللیل فإن النبي صلى الله علیه و آله و سلم أوصى علیاً (علیه السلام) فقال: یا علي علیك بصلاة اللیل علیك بصلاة اللیل علیك بصلاة اللیل و من استخف بصلاة اللیل فلیس منا، فاعمل بوصیتى و أمر شیعتى حتى یعملوا علیه و علیك بالصبر و انتظار الفرج فإن النبي (صلى الله علیه و آله و سلم) قال: أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج، و لا تزال شیعتنا في حزن حتى یظهر ولدى الذى بشر به النبي (صلى الله علیه و آله و سلم) بملاء الارض قسط و عدلا کما ملئت ظلما و جورا.
فاصبر یا شیخي یا أبا الحسن علي و أمر جمیع شیعتي بالصبر فإن الأرض لله یورثها من یشاء من عباده و العاقبة للمتقین(3) و السلام علیك و على جمیع شیعتنا و رحمة الله و برکاته و صلى الله على محمد و آله.”
في الحقيقة إن طريق الرشد و الكمال و الوصول الى الله في كلا الجانبين الشخصي و الإجتماعي ليس طريقا عجيبا و غير مألوف. و لکن ما لا جدال فیه هو أن الوصفة للطبیب الحاذق منذ یتحسن إذ یهتم المریض اهتماما مستمرا و صحیحا بالعمل علیها.
(مأخوذ من ديباجة الترجمة الفارسية من کتاب: “فضائل الشیعة” التألیف: “الشيخ الصدوق” (مع بعض التصرف و الإضافات)) (4)
بمناسبة حلول 8 ربيع الأول،
يعزي موقع الرشد مسلمي العالم و بخصوص أصدقاء الموقع الأعزاء،
ذكرى شهادة علم الهداية و نور التقوى و معدن الحكمة،
الحادي عشر من أئمة الشيعة،
الإمام الحسن بن علي العسکري (علیه السلام).
الهوامش:
1- إن علي بن الحسين بن بابويه القمي هو والد الشيخ الصدوق. لقد جاء في كتاب روضات الجنات في وصفه: “يعتبر علي من الفقهاء الكبار، و أصحاب جليل القدر، على طريق الطهارة، الثابتين على طريق أهل النبوة و العصمة (عليهم السلام)، ناصر الدين من حملات الملحدين و من أركان و أساطين الشيعة …”
2- سورة النساء، الآیة 114.
3- سورة الأعراف، الآیة 128.
4- لإعداد هذه المقالة، لقد تم الاستفادة من ترجمة “السيد أمير التوحيدي” لكتاب المذكور.
Leave A Comment