قال الإمام الصادق (علیه السلام):
كان عمنا العباس نافذ البصيرة صلب الإيمان.
(أعیان الشیعة، المجلد 7، الصفحة 430)
« لا سمح الله بفراقي منك . . .»
من استمع لواقعة كربلاء و تطلّع للمشاهد الحزينة لتلك الأيام، فقد شاهد مقام عظمة العباس بن علي (عليه السلام) و إيثاره و شهامته و بطولته و شجاعته.
و لكن هل يمكن في واقع الأمر درك عظمته بطريقة متكاملة؟ و لما أخذوا له و لاخوته بأمان من عبيد الله، قائد جيش يزيد، جاوبهم العباس بصراحة: ” لا حاجة لنا في أمانكم، أمان الله خير من أمان ابن سمية.” و من ثم توجه الى شمر حامل الأمان و قال: “لعنك الله و لعن أمانك أتؤمننا و ابن رسول الله لا أمان له!” ثم أبعث شمر مع أمانه الى جيشه.
و هل من الممكن درك عظمة قدر العباس و منزلته في ذلك الزمان الذي كان الإمام الحسين (عليه السلام) يلقي الخطبة في أصحابه؟ ففي حين خاطب الإمام الحسين (عليه السلام) أصحابه: “لقد سمحت لكم أن تتفرقوا و ما من بيعة لي في أعناقكم!” هو أبو الفضل (عليه السلام) الذي بدأ بالحديث قائلاً: ” لم نفعل ذلک لنبقی؟ لا أرانا الله ذلک أبدا “
و ما هي تلك الدرجة الإيمانية و المعرفة التي سببت العباس (عليه السلام) في حين قطع يده اليمنى أن يرتجز ؟ في تلك المشقة و المواقف العصيبة الذي يفقد الفرد أمله، نطق العباس (عليه السلام) هذه الجمل: “و الله إن قطعتموا يميني، إني أحامي أبداً عن ديني، و عن امام صادق اليقين، نجل النبي الطاهر الأمين.”
و العباس هو الذي في حين شهادته أتى الإمام الحسين (عليه السلام) مصرعه و جعل رأسه على صدره، و نطق بكلام لا يكلمه في موضع سواه، كلام يشهد شهادة آخر لدرجة العباس و عظمته، و لما سار مصرعه و وقف عند رأسه و هو في فقد أخاه قال: ” الآن انكسر ظهري! . . . “
و قال الإمام السجاد (عليه السلام) في حق عمه: “رحم الله عمي العباس، فلقد آثر و أبلى، و فدى أخاه بنفسه، حتى قطعت يداه … و إن للعباس عند الله تبارك و تعالى منزلة يغبطه عليها جميع الشهداء يوم القيامة …”
جاء اسمه في زيارة الناحية المقدسة على لسان الإمام المهدي (عليه السلام)، وسلّم عليه كالآتي: “السلام على أبي الفضل العباس بن أمير المؤمنين، المواسي أخاه بنفسه، الآخذ لغده من أمسه، الفادي له الواقي، الساعي إليه بمائه …”
فإذاً نقول بعد كل هذا: سلامٌ تام عليك و على سيرتك الحسنة العظيمة يا أبا الفضل! سلامٌ عليك إذ رحلت الى منزلتك الخاصة و قد مشيت في طريقٍ خطر! سلامٌ عليك من كنت أزهر و أعظم و أفدى الشهداء عند الله تعالى!
« مأخوذ من كتاب حياة الإمام الحسين (عليه السلام)، تأليف : السيد هاشم الرسولي المحلاتي »
يعزي موقع الرشد كافة مسلمي العالم،
التاسوعاء الحسيني،
يوم حامل لواء كربلاء و يوم عظيم ناصر سيد الشهداء (عليه السلام)
أبو الفضل العباس (علیه السلام).
Leave A Comment