یوجد هناک بعض الأسئله التی تشغل الأذهان و لا یسکن لها بال حتى یحصل على أجوبتها. من بعض هذه الأسئله: لماذا تعطی الشیعه هذه الأهمیه بالغه حول موضوع الإمامه؟ هل الاعتقاد بالإمام مه أنّه غائب، مهم الى هذه الدرجه؟ و أصلاً هل الإمامه أصلٌ أو فرع عند باقی الاعتقادات الأخرى؟

یتطلّب الحصول علی الإجوبه هذه الاسئله قلیل من التأمل و بالتأکید بحاجه إلی معرفه الله الصحیحه و العریقه. عندما عرف مرء الله یعنی إتضح له أن له رباً یحکم العقل أن یستسلم أمامه و یخضع لربوبیته. إن العارف بالله هو الذی قد وصل الى هذا الحد من القبول و الإستسلام أمام الله و فی الحقیقه قد قبل الله کربّه.

یلزم حینئذ لذلک الشخص إستسلام أمام باب الله (الطریق الوحید للوصول الى أوامر و معرفه الله) یعنی باب النبی (صلى الله علیه و آله و سلم) و الأئمه (علیهم السلام). و یعنی یجب أن یعتقدهم کما رتبهم الله لیتقّبل من ذلک الفرد توحیده. و بعبارهٍٍ أخری إن قبول ربوبیه الله عز وجل هو قبول نبوه النی (صلى الله علیه و آله و سلم) و إمامه الأئمه (علیهم السلام). و یعدّ قبول ولایه أهل البیت (علیهم السلام) شرط قبول التوحید کما ورد فی الروایه: إِنَّمَا یَعْرِفُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ یَعْبُدُهُ مَنْ عَرَفَ اللَّهَ وَ عَرَفَ إِمَامَهُ مِنَّا أَهْلَ الْبَیْتِ وَ مَنْ لَا یَعْرِفِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَا یَعْرِفِ الْإِمَامَ مِنَّا أَهْلَ الْبَیْتِ فَإِنَّمَا یَعْرِفُ وَ یَعْبُدُ غَیْرَ اللَّهِ هَکَذَا وَ اللَّهِ ضَلَالًا (1).

نستنتج من هذه الأحادیث و نظیرها أنّ الموحّد فی عقیده الشیعه هو الذی یعتقد بالله و رسوله و الأئمه و یعتبر من أهل الولایه. إن معرفه الإمام هی فاکهه شجره معرفه الله. فکما یعرف کل شجره بفاکهتها، کذلک یعرف التوحید بالإمامه. تصبح هذه الشجره شجره  التوحید عندما تکون ثمرتها الاعتقاد بالإمامه. إذا لم تثمر الشجره هذه الفاکهه لا ینبغی  أن نسمّیها شجره التوحید.

لذا، لیست معرفه المرء إمام زمانه فقط شرطٌ لازم لمعرفه الله، بل هی علامتها الوحیده. یعنی یعرف العارف بالله من غیره بواسطه هذه العلامه فحسب و لاغیر. إذا توجد هناک علامات أخرى لمعرفه الله فی أحادیث أهل البیت فتعد تلک العلامات فروعٌ بالنسبه إلی هذا الأصل. إن أصل أصول الدین هو ولایه الأنوار الطاهره الأربعه عشر. هذا الأصل قائم فی موضوع التوحید و معرفه الله ایضاً، حینما  َقَالَ رَجُلٌ للإمام الحسین (علیه السلام) بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ مَا مَعْرِفَهُ اللَّهِ قَالَ مَعْرِفَهُ أَهْلِ کُلِّ زَمَانٍ إِمَامَهُمُ الَّذِی یَجِبُ عَلَیْهِمْ طَاعَتُهُ (2).

فی واقع الأمر بما أن معرفه الله لا تتحقق إلا بمعرفه إمام الزمان، فقد فسّر إمام الحسین (علیه السلام) معرفه الله إنه معرفه إمام الزمان. فإذاً إنّ معرفه الإمام  بمعنی الاعتقاد به تعتبر جزء أساسی من معرفه الله. إذا لا تؤدی معرفه الفرد ألی معرفه الإمام ، لا یزال لا نستطیع أن نعتبره موحداً.

تنقل الشیعه و السنّه کلاهما هذه الروایه عن النبی الأکرم (صلى الله علیه و آله و سلم): مَنْ مَاتَ لَا یَعْرِفُ إِمَامَهُ مَاتَ مِیتَهً جَاهِلِیَّه (3). فصرح النبی (صلى الله علیه و آله و سلم) بأنّ من لم یعرف إمام زمانه ما خرج من الجاهلیّه و الشرک بعد.

لذا، إن لم تؤدی معرفه الله ألی معرفه إمام العصر (علیه السلام)، فلا یکون ذلک الشخص صاحب دین. و فی حقیقه الأمر یفقد الإنسان کل ما لدیه إذا جهل معرفه إمام زمانه و لم یستسلم أمامه؛ فی حال إن کل النِعم و الأعمال الحسنه، تکون مصدر سعاده ذلک الفرد إذا یعرف الإمام.

« مأخوذ من کتاب “الشمس فی الغربه”، التألیف الدکتر سیّد محمّد البنی هاشمی »

یبارک و یهنئ موقع الرشد المنتظرین کافه

بمناسبه قدوم النصف من شعبان

ذکرى ولاده درّ الولایه الثمین، کهف الإمام الحصین،

أمان و أمل البشر، نور الظلام و شمس السحر،

إمامنا و مقتدانا،

الحجّه بن الحسن العسکری علیهما السّلام.

الهوامش:

1-         إِنَّمَا یَعْرِفُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ یَعْبُدُهُ مَنْ عَرَفَ اللَّهَ وَ عَرَفَ إِمَامَهُ مِنَّا أَهْلَ الْبَیْتِ وَ مَنْ لَا یَعْرِفِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَا یَعْرِفِ الْإِمَامَ مِنَّا أَهْلَ الْبَیْتِ فَإِنَّمَا یَعْرِفُ وَ یَعْبُدُ غَیْرَ اللَّهِ هَکَذَا وَ اللَّهِ ضَلَالًا (الکافی، المجلد 1، الصفحه 181).

2-         َقَالَ لَهُ رَجُلٌ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ مَا مَعْرِفَهُ اللَّهِ قَالَ مَعْرِفَهُ أَهْلِ کُلِّ زَمَانٍ إِمَامَهُمُ الَّذِی یَجِبُ عَلَیْهِمْ طَاعَتُهُ (علل الشرایع،المجلد1،  الصفحه 9).

3-         مَنْ مَاتَ لَا یَعْرِفُ إِمَامَهُ مَاتَ مِیتَهً جَاهِلِیَّه (الکافی، المجلد1 ، الصفحه 377).