“الْحجّ و الْعمْره سوقان منْ أسْواق الْآخره و الْعامل بهما فی‏ جوار اللّه إنْ أدْرک ما یأْمل غفر اللّه له و إنْ قصر به أجله‏ وقع أجْره على اللّه‏.” 1

الإمام الصادق (علیه السلام)

نحن البشر، سلسله حیاتنا فی هذه الدنیا محدوده. ومن هنا، یعتقد المسلمون و کذلک سائر أتباع الأدیان الإلهیه إن دافع هذا السفر المحدود هو التجاره و الفوائد و إن منفعتها هی ما یجنی خلالها الإنسان فی عمره. فإذاً أکان قریباً أم بعیداً، تأتی هذه الفرصه نادراً. هنیئاً لمن ادّخر عمره لرضى الله و لم یبع حیاته سوى لدخول الجنه.

هنیئاً لضیوف الرحمان الذین ختموا أعمارهم فی أرض منى و فی یوم عید الأضحى بجوار الرحمه الإلهیه، و ضحّوا بأنفسهم بإخلاص لخالقهم.

و الذین حملوا معهم أعمالهم، و جمعوا متاعهم و رحلوا من دیارهم. و بما أنهم وصلوا مقصدهم و ربحوا فی تجارتهم. المشتری هو الله. المتاع هی الأنفس. أما قیمتها فیعلمها الله فقط. المغفره، الجنه، الرضوان و…

فبما أنهم رحلوا من أرض منى، فلقد کُتب الرضا فی کتاب أعمالهم، فقد قال الإمام الصادق (علیه السلام):

“إذا أخذ النّاس مواطنهمْ بمنى نادى منادٍ منْ قبل اللّه عزّ و جلّ إنْ أردْتمْ أنْ أرْضى فقدْ رضیت.” 2

و کما قال الإمام الصادق (علیه السلام) حینما عرجوا الى السماء فقد حلّق معهم الرحمه و المغفره الإلهیه و الضمانه الإلهیه، و کان ندائهم نداء لبیک و الذی هو شعار نداء الله فی یوم المحشر:

“الْحاجّ و الْمعْتمر فی ضمان اللّه

فإنْ مات متوجّها غفر اللّه له ذنوبه

و إنْ مات محْرما بعثه اللّه ملبّیا

و إنْ مات بأحد الْحرمیْن بعثه اللّه من الْآمنین

و إنْ مات منْصرفا غفر اللّه له جمیع ذنوبه.” 3

بالإضافه الى ذلک، حتى لو کان الصبر على عروجهم یضمن الأجر و المکافأه الإلهیه للناجین و ذویهم المفجوعین، و لکن لا یمکن التقلیل ذره من جرم التقصیر و الإهمال لهذه الفاجعه العظیمه و الألیمه التی ألحقت بالأمه الإسلامیه.

 یعزی موقع الرشد الساحه المقدسه للإمام صاحب العصر و الزمان (عجل الله تعالی فرجه الشریف) و الأمه الإسلامیه و بالأخص ذوی المتوفین المفجوعین، العروج المؤلم لحجاج حرم الأمن الإلهی من أرض منى، و نسأل الله عز وجل المسأله بالمقام العالی للمتوفین و بصبر ذویهم.

الهوامش:

 

  1. 1- الکافی، المجلد 4، الصفحه 260
  2. 2- الکافی، المجلد 4، الصفحه 262
  3. 3- الکافی، المجلد 4، الصفحه 256