فی عصر یوم تاسوعا، جاء الشمر بامان لعباس بن علی (علیهما السلام) و إخوته الثلاثة لقرابته لهم. و لکن حین رأی شدة جواب العباس (علیه السلام) فی ردّه، رجع.1
و فی العمل غدا یعنی یوم عاشورا، کان عباس بن علی (علیهما السلام) و إخوته بذلوا أنفسهم للإمام الحسین (علیه السلام) مع الشجاعة و الإیثار. قال أهل السير: إنّه لمّا قتل أصحاب الحسين (عليه السّلام) و جملة من أهل بيته دعا العبّاس (عليهم السّلام) إخوته الأكبر فالأكبر، و قال لهم: “تقدّموا”
فأوّل من دعاه عبداللّه أخوه لأبيه و أمّه ولد بعد أخيه بنحو ثمان سنين فقال: تقدّم يا أخي حتّى أراك قتيلا و أحتسبك فإنّه لا ولد لك، فتقدم بين يديه و جعل يضرب بسيفه قدما و يجول فيهم و هو يقول:
” أنا ابن ذي النجدة و الأفضال ذاك عليّ الخير في الأفعال
سيف رسول اللّه ذو النكال في كلّ يوم ظاهر الأهوال”2
فشدّ عليه رجل فضربه على رأسه فقتله.
و کان الثانی عثمان بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب (عليهم السّلام) ولد بعد أخيه عبد اللّه بنحو سنتين و روي عن أمير المؤمنين (عليهم السّلام) أنّه قال: “إنّما سمّيته عثمان بعثمان بن مظعون 3أخي.”
قال أهل السير: لمّا قتل عبد اللّه بن علي دعا العبّاس (عليهم السّلام) عثمان و قال له: “تقدّم يا أخي”، كما قال لعبداللّه، فتقدّم إلى الحرب يضرب بسيفه و يقول:
“إنّي أنا عثمان ذو المفاخر
شيخي عليّ ذو الفعال الطاهر.”4
فقاتل حتی رماه رجل بسهم فأوهطه حتّى سقط لجنبه، فجاءه رجل آخر فقتله و احتزّ رأسه.
لمّا قتل أخوا العبّاس (عليهم السّلام) عبداللّه و عثمان دعا جعفرا فقال له: “تقدّم إلى الحرب حتّى أراك قتيلا كأخويك.” ولد بعد أخيه عثمان بنحو سنتين و روي أنّ أميرالمؤمنين (عليهم السّلام) سمّاه باسم أخيه جعفر لحبّه إيّاه.
فتقدّم و شدّ على الأعداء يضرب فيهم بسيفه و هو يقول:
“إنّي أنا جعفر ذو المعالي
ابن عليّ الخير ذي الأفضال.”5
و استشهد بعد قتال کبیر.
نعم، قمر بنی هاشم ابوالفضل العباس (علیه السلام) بدأ بإخوته لیفتدی أنفسهم فی سبیل الله و فی سبیل الامام حسین (علیه السلام). و أخیرا استشهد نفسه فی نهایة المظلومیة و نال منزلة یغبطه بها جمیع الشّهداء.6
إن هذه الإخوة الربعة یعنی العباس (علیه السلام)، عبدالله، عثمان و جعفر، ابناء ام البنین (سلام الله علیها) نصروا امام عصرهم، حسین بن علی (علیهما السلام) حتی بذلوا انفسهم فی سبیله.
(مأخوذ من کتاب “إبصار العين في أنصار الحسين (عليه السلام)”، تالیف: “الشيخ محمد بن طاهر السماوى” (مع بعض التغییر و الاضافات))
یعزّی موقع الرشد
یوم تاسوعا الحسینی،
یوم ذکری ساقی المظلوم بکربلا و تمثال الادب و الایثار،
عباس بن علی(علیهما السلام)
کل من یحبونه، و بالأخص اصقاء موقع الأعزاء.
الهوامش:
- 1ـ نفس المهموم، الصفحه 202
- 2ـ المناقب، المجلد 4، الصفحه 107
- 3ـ أسلم بعد ثلاثة عشر رجلا، و هاجر الهجرتين و شهد بدرا، و كان أوّل رجل مات بالمدينة سنة اثنتين من الهجرة، و كان ممّن حرّم على نفسه الخمر في الجاهليّة. و لمّا مات جاء رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) إلى بيته و قال: “رحمك اللّه أبا السائب”، ثمّ انحنى عليه فقبّله. و رؤي عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) لمّا رفع رأسه أثر البكاء، ثمّ صلّى عليه و دفنه في بقيع الغرقد، و وضع حجرا على قبره، و جعل يزوره.
- 4ـ نفس المهموم، الصفحه 297
- 5ـ المناقب، المجلد 4، الصفحه 107
- 6ـ “الامام سجاد (علیه السلام): انّ للعبّاس منزِلة عند الله یغبطه بها جمیع الشّهداء” (الخصال، الصفحة 68،باب الثانی، الحدیث 101)
Leave A Comment