باسمه تعالی
« فرصة للمؤانسة »
هذه الليلة تلتقي به لأوّل مرّة. رغم انّه يَحجب وجهه إلّا أنّ محيّاه الجميل لا يزال يتطلّع. قد رفعت رأسک إلی السماء و لا تقطع نظرک منه و أخيراً تلقي نظرک إلی الهلال و تناجي نفسک: “اللهمّ اجعله هلال امن و ايمان، و نعمة و إحسان، و سلامة و اسلام.”[note]1- لقطة من الدعاء الثالث و الاربعين من الصحيفة السجاديّة (فيه بعض تعديلات) [/note]
أهلّ الله عليک اوّل يوم من شهر رمضان، أتدري من يستضيفک؟ إنّه معبود العالَمين، إنّه غافر الذنوب. أطلب منه صياماً سليماً نزيهاً و إحياء الليالي. أطلب منه مزيداً من الخير و البرکة لأنّه أرحم الراحمين.[note]2- قسم من ادعية ايّام شهر رمضان المبارک، اليوم الاوّل و الثالث. [/note]
الآن فقد حلّ شهر رمضان الذی هو شهرالله؛ قُم بما أمرک الله سبحانه و تعالی من الفرائض کما يجدر و کن شاکراً له. أعرف جيداً إنّ الشک و الإرتياب لا يترک لک مجالاً و لو لحظة قصيرة. تخاف من عصيانه و تريد أن تهرب ممّا يثير غضبه و … و انت تعشقه لأنّه هو غاية الراغبين. فلا تضيّع الفرصة لأنّ ربّک أبصر الناظرين.
کنت تنتظر الشهور حتّی يحين شهر الله تعالی من جديد حتي تمدّ يد الحاجة و الرجاء إلی هذا المقام طالباً منه. لا تضيّع وقت المناجاة لأنّ الله ينزل السكينة علي قلوب المؤمنين. أدعُ إليه إنفتاح أبواب الجنّة لک في هذه الليلة و في کلّ الاحيان. کنت تعد اللحظات لقدوم ليالي القدر بفارغ الصبر، فأتيحت لک الفرصة. أطلب من الله الذی يعلم ما بين جنبيک و ما في نفسک و لا يحتاج إلی الإستفسار و السؤال بتاتاً، أن يمنّ عليک بتوفير آمالک و حاجاتک. هذه السنة شهر رمضان يکاد يشبه بالسنوات السابقة، مملوئة بالمعنوية و الروح النشاط. إنّ رحمة الله دائماً يجري علينا إلّا أنّ القصور دون شک تعود إلينا، اذاً لا تَلبَث و تناول من برکات هذا الشهر.
فالآن إنّک قد أقبلت علی هذه الضيافة فاغتنم الفرص العابرة فلا مجال للقصور و التضييع ما يقول امير الکلام أبوالحسن علي بن أبي طالب (عليه السلام): ” الْفُرَصُ تمرّ مرّ السحاب فانتهزوها إذا أمكنت في أبواب الخير و إلَا عادت ندماً “[note] 3- مستدرک الوسائل، المجلد 12، الصفحة 141[/note] إذاً بعد أن أفتتحت عليک أبواب السماء فطر کطائر إلی أحضان رحمة الله کما يقول: ” و سارعوا إلى مغفرة من ربّكم” [note]4-سورة آل عمران، الآية 133 [/note]و ايضاً :” فَاستبقوا الخيرات” [note] 5- سورة بقره، الآية 148[/note]
المؤانسة الله سبحانه و تعالی في الحقيقة هدية الهيّة! ليس هناک أحد لکی يسمع همساتک، أنت وحيد مع الله سبحانه و تعالی. کن صادقاً مع نفسك و حميماً و اكشف عنك الستار. قم بالمناجاة معه:” أللهمّ أعنّا علی صيامه و بکفّ الجوارح عن معاصيک، و استعمالها فيه بما يرضيک، حتی لا نصغي بأسماعنا إلی لغو، و لا نتکلّف الّا ما يُدنی من ثوابک، و لا نتعاطي الّا الذي يقي من عقابک و لا نبتغي فيه مراداً سواک.” [note] 6- لقطة من الدعاء الرابع و الاربعين من الصحيفة السجاديّة.[/note]
(مأخوذ من كتاب “سيناء الطلب” للکاتب سماحة الشيخ جواد المحدثي)
مبروک لکم حلول
شهر رمضان المبارک،
شهر الله سبحانه و تعالی
و شهر الرحمة و المغفرة و ربيع القرآن.
……………………………….
الهوامش: