قال ابو موسي : قصدت الإمام الهادي (عليه السلام) يوماً فقلت : يا سيدي ! إن هذا الرجل قد اطرحني ، وقطع رزقي ، ومللني ، وما أتهم في ذلك إلاّ علمُه بملازمتي لك ، وإذا سألته شيئاً منه يلزمه القبول منك فينبغي أن تتفضل عليّ بمسألة ، فقال (عليه السلام): تكفى إن شاء اللـه .
فلما كان في الليل طرقني رسل المتوكل، رسول يتلو رسولاً فجئت و وزيره فتح بن خاقان على الباب قائم فقال : يا رجل ما تأوي في منزلك بالليل كدني هذا الرجل مما يطلبك.
فدخلت وإذا المتوكل جالس على فراشه فقال : يا أبا موسى نشغل عنك وتنسينا نفسك أي شيء لك عندي ؟ فقلت : الصلة الفلانية والرزق الفلاني وذكرت أشياء فأمر لي بها و بضعفها .
فقلت للفتح : وافي علي بن محمد إلى ههنا ؟ فقال : لا ، فقلت : كتب رقعة ؟ فقال : لا؛ فوليت منصرفاً فتبعني فقال لي : لست أشك أنك سألته دعاء لك فالتمس لي منه دعاء .
فلما دخلت إليه (عليه السلام) فقال لي : يا أبا موسى ! هذا وجه الرضا ، فقلت : ببركتك يا سيدي ، ولكن قالوا لي : إنك ما مضيت إليه ولا سألته …
فقال : إن اللـه تعالى علم منا أنا لا نلجأ في المهمات إلاّ إليه ولا نتوكل في الملمات إلاّ عليه وعودنا إذا سألناه الإجابة …
قلت : إن الفتح قال لي كيت وكيت ، قال : إنه يوالينا بظاهره ، ويجانبنا بباطنه ، الدعاء لمن يدعو به : إذا أخلصت في طاعة اللـه ، واعترفت برسول اللـه (صلي الله عليه و آله و سلم) وبحقنا أهل البيت و سألت اللـه تبارك وتعالى شيئاً لم يحرمك (1).
(مأخوذ من کتاب: ” الامــام الهــادي ( عليه السلام )، قدوة وأسوة”، تألیف: آیت الله السید محمد تقي المدرسي)
3 رجب، نعزي أحبائنا الأعزاء بذكرى شهادة
عاشر حجج الله
الإمام علي بن محمد الهادي (عليه سلام) .
…………………………………………..
الهوامش :
1ـ في واقع الأمر إن الإمام الهادي (عليه السلام) بما ذكره هذا البيان يعتقد إن الإيمان بالله، و الخلوص في النية و الاعتراف بحق أولياء الله هو الطريق الأصلي و أفضله في استجاب الدعاء، و من الطبيعي ان أي فرد أراد أي يصل الى هدفٍ ما يجب عليه أن يتّخذ مساره الأصلي. أما اذا لم يطأ قدمه في هذا المسير، فمن الطبيعي يجب عليه ان يتّخذ مسارات فرعية أخرى ولكنها تكون صعبة و وعرة للغاية و من ستكون المسافة الى الهدف طويلة. فإذاً ان لم تكن للفرد هذه الخصائص، فإن رحمة الله الواسعة ستمنع أن تكون باب الإجابة مغلقة عليه الى الأبد. و لذا فإن هناك توجد شروط أخرى كحالة الاضطرار و غيرها يجب ان يمر من خلالها الإنسان لتستجب دعواته. و لكن من الواضح أن تحققها أصعب و مسيرها إلى الإجابة أبعد.