«الطريق المثالي»

قال الإمام علي بن موسی الرضا (علیهما السلام): “فكر ساعة خير من عبادة سنة” ، فسألته (علیه السلام) عن ذلك، فقال: “تمر بالخربة و بالديار القفار فتقول أين بانوك أين سكانك ما لك لا تتكلمين؟ ليست العبادة كثرة الصلاة و الصيام العبادة التفكر في أمر الله جل و علا.” (1)

لعله طرحنا على أنفسنا في بعض الأحيان السؤال التالي: ما هي الحياة المثالية و الطريق الأمثل الذي إختاره الله لنا لنسير فيه؟ كيف يمكننا العيش عيشة مثالية؟ ما هو مطلوبنا اساساً؟

إن استطاع أي شیئ الإجابة على جميع مسائل حياة الشخص أو المجتمع فيكون ذلك اصلاً مثاليّاًً للفرد أو المجتمع. علی سبيل المثال هناك أشخاص الذين اتخذوا طريق جمع الثروات كطريق المثالي و المطلوب، و جعلوا كل وسيلة ممكنة للوصول إلی هدفهم و هو لا يكون إلا المال. و أيضاً هناك أناس الذين اتخذوا طريقهم الأمثل الوصول إلی الکمالات العلمية و نظروا إلی الشؤون الإنسانیة و الطبیعیة من منظر العلميّ فحسب.

و لكن ما علّمنا العقل و التجربة علی مرّ تاريخ البشرية، يقول إنه لا يمكن لأی مطلوب أن يشبع فرداً واعياً من دون أن یفسّر منزلته في العالم. فلا يمكن أن نفسّر منزلة الإنسان تفسيراً صحيحاً من دون الإجابة على هذه الأسألة الشيهرة: “من أين أتيت؟ لماذا أتيت؟ إلی أين أتوجه؟”

إن الإجابة على هذا السؤال مرتبطة بدرجة نموّ الإنسان الفكري و الروحي. مهما کان نمو الإنسان الفکری و الروحی أعلی، کان وقوفه عند أمور الزائل أقل. لأنه یتقلقل في باطنه طلب الأبدیة و الإتصال و التمتع به و فناء الأشیاء لا یقدر أن یصله إلی هذه البغیة. لذلك يجب على الإنسان أن يربط قلبه بموضوع اللانهاية من حيث الكمال. و لكن ما هي تلك اللانهاية و كيف يمكن معرفتها؟

عندما يبحث العقل و يزيد في الدراسة، فيجد أنّ حقيقة الأبدية لا یکون إلا الله وحده و ذلك هو مدّعی الأديان الإلهية. و من هنا نعلم إن أردنا معرفة حقيقة الوجود أو أن نعيش الحياة حياتاً مثالياً و نتركه من دون حيرة أو ارتباک ، فيجب أن نختار لأنفسنا في الحياة، العشق إلی الله و انقياد إليه و إلّا فسوف نأتي الى نهاية الطريق في هذه الدنيا و لا يمكننا أن نعرف من أية جهة قد أتينا…

فإذاً ،إن المطلوب الذی یطابق أکثر مع العقل و المنطق هو الذی یتسع حیاتنا بأجمعه، و إن إحدی الطرق لمعرفة هذا الطريق هو الوجدان و التفكر و الذي يكون دائماً قاضياً لنا و ناظرا علینا و منفّذاً واعيا في متناول ايدينا.

علی هذا الأساس فإن مولانا الإمام علي بن موسی الرضا (علیهما السلام) و مع تبیین قیمة التفکر و الإعتبار من الدهر یقصد إثارة الوجدان النائم و خرق ستار الغفلة لکی یتفکّر الشخص في آیات الله سبحانه و أوامره التي یصدر لسعادته کی یجد الإنسان مطلوبه…

(مأخوذ من کتاب “الوجدان” بقلم المرحوم العلامة محمد التقي الجعفري ، مع التلخیص و بعض الإضافات)

11 ذي القعدة ، يبارك موقع الرشد مسلمي العالم

و خاصتاً أصدقاء الموقع الأعزاء،

بذكرى مولد ثامن الحجج، عالم آل محمد و نور الهداية

الإمام علي بن موسی الرضا (علیهما السلام) .

…………………………………………………………………………………………………………………………………….

الهوامش:

1ـ فقه الرضا، الصفحة 380

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *