« اختيار الصّـديق… »

هل صادفك يوم اشتدت عليك فيه مشاكل الدنيا و تمنيت لو كان عندك أحداً تحكي له ما في قلبك؟ هل كان لك قط صديقاً حميماً مشجعاً يسمع ما يقوله قلبك من الآلام، أو هل عندك صديق محبط مؤيس يجلب لك الهمّ و الغمّ؟ و هل إلي الآن خطرت لك كيفية اختيار الصديق المؤهل و معايير اختيار الصّـديق المناسب؟

إن أهمية الصّـديق و المصاحب في الحياة الى درجة حسب قول كبار الحكماء و العلماء أنه يمكن معرفة أي إنسان عن طريق صديقه و صاحبه. بل أعظم من ذلك، إن الصّـديق الجيد المؤهل يستطيع أن يكون لنا معيناً في خطوات الحياة و أن يسير بنا الى الطّريق  السليم و الصحيح. و علي العكس، فإن الصّـديق السّـوء الذي لم يكن اختياره وفقاً للمعايير السّـليمة يمكن أن يمنع الإنسان من التعالي أو يسبب انحرافه و هبوطه.

ان هذا الموضوع مهم للغاية بالنّـسبة إلي من نصاحب و من نترك صحبته. فهناك حديث كثير في مجال الخلّة و أهمّية اختيار الصّـديق في الحياة. و لقد أكّد أئمتنا المعصومين (عليهم السلام) كثيراً علي هذا الأمر و لقد أعطوه أهمّـية خاصة. و سنذكر حديثاً جميلاً عن الإمام السّجاد (عليه السلام) الذي يوضح لنا فيه معيار الخلّة و اختيار الأصدقاء.

ورد في أصول الكافي عن الإمام السجاد (عليه السلام) يقول لابنه الإمام الباقر (عليه السلام):

” يا بني انظر خمسة فلا تصاحبهم و لا تحادثهم و لا ترافقهم في طريق. فقلت يا ابه من هم؟ قال:

     ·         اياك و مصاحبة الكذاب فانه بمنزلة السراب يقرب لك البعيد و يباعد لك القريب

     ·         و اياك و مصاحبة الفاسق فانه بايعك باكلة او اقل من ذلك

     ·         و اياك و مصاحبة البخيل فانه يخذلك في ماله احوج ما تكون اليه

     ·         و اياك و مصاحبة الاحمق فانه يريد ان ينفعك فيضرك

     ·     و اياك و مصاحبة القاطع لرحمه فاني وجدته ملعونا في كتاب الله عز و جل في ثلاثة مواضع. قال الله عز و جل: ” فهل عسيتم ان توليتم ان تفسدوا في الارض و تقطعوا ارحامكم اولئك الذين لعنهم الله فاصمهم و اعمي ابصارهم”(2) و قال : ” الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه و يقطعون ما امر الله به ان يوصل و يفسدون في الارض اولئك لهم اللعنة و لهم سوء الدار”(3) و قال في (السورة) البقرة: “الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه و يقطعون ما امر الله به ان يوصل و يفسدون في الارض اولئك هم الخسرون”(4)(5)

                  (مأخوذ من كتاب “الأربعين حديثاً” ، المجلد 3، التأليف : “السيد هاشم الرسولي المحلاتي” )

الهوامش:

     1-   في حديثٍ آخر يقول الإمام الباقر (عليه السلام): ” فقلت: يا أبة و ما دونها؟ يطمع فيها ثم لا ينالها” (كشف الغمة، المجلد 2، الصفحة 81).

     2-     (سورة محمد، الآيات 22 و 23).

     3-      (سورة الرعد، الآية‌‌ 25).

     4-     (سورة البقرة، الآية‌27).

     5-     (الكافي، المجلد 2 ، الصفحة ‌‌376).