« الحسين هو العشق . . . »

. . . أنظر الى يقين الحسين ، و قد حصل له اعلاه فإن حقيقة اليقين أن تصرف النفس عن الدنيا و تتجافى عنها، و قد حصلت له في يوم خرج من المدينة و لما نزل إلى كربلاء كتب إلى أخيه محمد الحنفية و سائر بني هاشم : ” من الحسين بن علي إلي أخيه محمد بن علي و من قـِبله من بني هاشم أما بعد فكأن الدنيا لم يكن و الآخرة لم تزل .” (1)  أ و هل هذا غير التعلق بالآخرة؟

فلذا روي عن الإمام السجاد (عليه السلام) كلما كان يشتد الأمر ، كان يشرق لونه و تطمئن جوارحه، الى أن قال بعض العدو لبعضهم : ” انظروا (إلى الحسين) كيف لا يبالي بالموت ” (2). . . 

أنظر الى دعاء الحسين و قرائته للقرآن ،   أنه كان يتلوا كتاب الله آناء الليل و أطراف الصباح و مع ذلك كان شوقه بحيث استمهل ليلة عاشوراء لهما ، فقد اهتدي بسماع تلاوته و مناجاته ثلاثون رجلا و عبروا إليه من عسكر العدو و استشهدوا بين يديه و الحسين تلا القرآن في يوم عاشوراء في مقامات خاصة ، أحدها حين وقف و لده قبالة القوم و دامت تلاوته على حين كون رأسه على الرمح . و أما الذكر ، فإنه كان رطب اللسان دائما بالذكر حتى حين يبس لسانه  . هذا هو الحسين الذي كان يناجي ربه في صباح عاشوراء : ” اللهم أنت ثقتي في كل كرب و رجائي في كل شدة و أنت لي في كل أمر نزل بي ثقة و عدة ، كم من كرب يضعف منه الفؤاد و تقل فيه الحيلة و يخذل فيه الصديق و يشمت فيه العدو و انزلته بك و شكوته اليك ففرجته . . . ” (3)

و انظر الى صبر الحسين ، و هو ملقي على الثرى في الرمضاء ، مجرح الأعضاء بسهام لا تعد و لا تحصى ، مفطر الهامة ، مكسور الجبهة ، مرضوض الصدر من السهام ، سهم في حنكه ، اللسان مجروح من اللوك ، الكبد محترق ، الشفاة يابسة من الظمأ ، القلب محروق من ملاحظة الشهداء في أطرافه و مكسور من ملاحظة العيال في الطرف الآخر ، الكف مقطوع من ضربة العدو ، الرمح في الخاصرة ، مخضب اللحية و الرأس ، يسمع صوت الإستغاثات من عياله و الشماتات من أعدائه و مع ذلك كله لم يتأوه في ذلك الوقت و لم تقطر من عينه دمع من الذلة ، و انما قال : “(يا إلهي) ، صبرا على قضائك ، لا معبود سواك ، يا غياث المستغيثين”(4) . . .

و لهذا نقرأ في زيارة الأمام الحسين (عليه السلام) :” و لقد عجبت من صبرك ملائكة السماوات “(5)

السلام على الحسين المظلوم الشهيد . . .

) مأخوذ من كتاب ” الخصائص الحسينية” ، تأليف المرحوم آية الله الشيخ جعفر التستري (ره)

( مع بعض التصرف ) (

بمناسبة قدوم العاشوراء الحسيني،

يعزي موقع الرشد كافة أحرار العالم،

بذكرى استشهاد رحمة الله الواسعة، سيد الشهداء

الإمام الحسـين (عليه السلام )

و أصحابه الأبرار.

…………………………………….

الحاشيات :

1-      كامل الزيارات ، باب 24 ، حديث 16

2-      الإرشاد للشيخ المفيد ، المجلد 2 ، الصفحة 96

3-      معاني الأخبار ، الصفحة 288

4-      ينابيع المودة ، المجلد 3 ، الصفحة 82

5-      بحار الأنوار ، المجلد 98 ، الصفحة 322