«باب مدینة العلم»(1)

لمّا ولی عمر بن الخطّاب الخلافة أتاه قوم من أحبار الیهود فقالوا: “یا عمر! أنت ولی الأمر بعد محمد و صاحبه، و إنّا نرید أن نسألک عن خصال إن أخبرتنا بها علمنا أنّ الإسلام حقّ و أنّ محمداً کان نبیا، و إن لم تخبرنا به علمنا أنّ الإسلام باطل و أنّ محمداً لم یکن نبیا.”

فقال عمر : “سلوا عمّا بدا لکم”

قالوا:

1- أخبرنا عن أقفال السموات ما هی؟

2- و أخبرنا عن مفاتیح السموات ما هی؟

3- و أخبرنا عن قبر سار بصاحبه ما هو؟

4- و أخبرنا عمّن أنذر قومه لا هو من الجنّ و لا هو من الإنس؟

5- و أخبرنا عن خمسة أشیاء مشوا على وجه الأرض و لم یخلقوا فی الأرحام؟

فنکس عمر رأسه فی الأرض ثمّ قال: “لا عیب بعمر إذا سئل عمّا لا یعلم أن یقول: لا أعلم، و أن یسأل عمّا لا یعلم.”

فوثبت الیهود و قالوا: “نشهد أنّ محمداً لم یکن نبیا و أنّ الإسلام باطل”

فوثب سلمان الفارسی و قال للیهود: “قفوا قلیلا”، ثمّ توجّه نحو علی بن أبی طالب حتى دخل علیه فقال: “یا أبا الحسن! أغِثِ الإسلام.”

فقال(علیه السلام): «و ما ذاک؟» فأخبره الخبر. فأقبل یرفل فی بردة رسول اللَّه (صلی الله علیه و آله و سلم)، فلمّا نظر إلیه عمر وثب قائماً فاعتنقه و قال: “یا أبا الحسن! أنت لکلّ معضلة و شدّة تُدعى.” فدعا علی (علیه السلام) الیهود فقال: “سلوا عمّا بدا لکم فإنّ النبی (صلی الله علیه و آله و سلم) علّمنی ألف باب من العلم فتشعّب لی من کلّ باب ألف باب»، فسألوه عنها. ثم قال (علیه السلام): “إنّ لی علیکم شریطة إذا أخبرتکم کما فی توراتکم دخلتم فی دیننا و آمنتم.”

فقالوا: نعم. ثم سئلوا فأجاب امیرالمؤمنین(علیه السلام) و قال:

” أقفال السموات الشرک بالله؛ لأنّ العبد و الأَمة إذا کانا مشرکین لم یرتفع لهما عمل

(و إن مفاتیحها ) شهادة أن لا إله إلا الله و أنّ محمداً عبده و رسوله.

(و إن قبرا سار بصاحبه) ذلک الحوت الذی التقم یونس بن متّى فسار به فی البحار السبع (2)

(و إن من أنذر قومه لا هو من الجنّ و لا هو من الإنس) هی نملة سلیمان بن داود قالت: “یا أَیها النّمل ادخلوا مساکنکم لا یحطمنّکم سلیمان و جنوده و هم لا یشعرون‏” (3)

(و إن خمسة مشوا على الأرض و لم یخلقوا فی الأرحام) ذلکم: آدم، و حواء، و ناقة صالح(4)، و کبش إبراهیم،(5) و عصا موسى(6) …”

و کان الیهود ثلاثة نفر؛ قال اثنان منهم: نشهد أن لا إله إلا الله، و أنّ محمداً رسول الله. و وثب الحبر الثالث فقال: “یا علی! لقد وقع فی قلوب أصحابی ما وقع من الإیمان و التصدیق و قد بقی خصلة واحدة أسألک عنها.”

فقال: «سل عمّا بدا لک».

فقال: أخبرنی عن قوم فی أوّل الزمان ماتوا ثلاثمائة و تسع سنین ثمّ أحیاهم اللَّه فما کان من قصّتهم؟ …”

قال امیر المؤمنین(علیه السلام): “یا یهودی هؤلاء أصحاب الکهف”،و نقل قصتهم من اولها الی آخرها.

ثمّ قال (علیه السلام) للیهودی: “سألتک باللَّه یا یهودی أوافق هذا ما فی توراتکم؟”

فقال الیهودی: “ما زدت حرفاً و لا نقصت حرفاً یا أبا الحسن، لا تسمّنی یهودیاً أشهد أن لا إله إلا الله، و أنّ محمداً عبده و رسوله، و أنّک أعلم هذه الأُمّة.” (7)

«مأخوذ من کتاب “الغدیر فى الکتاب و السنه و الادب،”(8)، تالیف ” العلامة عبد الحسین الامینی(ره)” (مع التلخیص)»

بمناسبة حلول 13 رجب،

یبارک و یهنئ موقع الرشد مسلمی و أحرار العالم

ذکرى میلاد إمام العدالة و مدار الحق

أمیرالمؤمنین الإمام علی (علیه السلام).

الهوامش:

1- اشارة الی قول النبی(صلی الله علیه و آله و سلم): “أنا مدینة العلم و علی بابها” (شواهد التنزیل لقواعد التفضیل، للحاکم الحسکانی، المجلد ‏1، الصفحة 104، 105، 107، 377 و 432 – روح المعانی فی تفسیر القرآن العظیم، للآلوسی، المجلد ‏16، الصفحة 90)

2- “فالتقمه الحوت و هو ملیم” (سورة الصافات، الآیة 142)

3- سورة النمل، الآیة 18

4- “إنا مرسلوا الناقة فتنة لهم فارتقبهم و اصطبر” (سورة القمر، الآیة 27)

5- “و فدیناه بذبح عظیم” (سورة الصافات، الآیة 107)

6- “فألقاها فذا هی حیة تسعی” (سورة طه، الآیة 20)

7- العرائس، لابی اسحاق الثعلبی، صفحة 239 – 232

8- الغدیر، المجلد 6، صفحة 155-148