«لقد کان لکم فی رسول الله أسوة حسنة لمن کان یرجوا الله و الیوم الآخر و ذکر الله کثیراً»
(سورة الأحزاب، الآیة 21)
نقل عن الإمام الحسين (عليه السلام) عن أبيه أمير المؤمنين (عليه السلام) حول حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال:
” … فإذا آوى [رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)] إلى منزله جزأ دخوله ثلاثة أجزاء: جزء لله، و جزء لأهله، و جزء لنفسه، ثم جزأ جزءه بينه و بين الناس- فيرد ذلك بالخاصة على العامة، و لا يدخر عنهم منه شيئا.
و كان من سيرته ص في جزء الأمة إيثار أهل الفضل بأدبه، و قسمه على قدر فضلهم في الدين، فمنهم ذو الحاجة و منهم ذو الحاجتين و منهم ذو الحوائج فيتشاغل بهم و يشغلهم في ما أصلحهم و الأمة من مسألته عنهم و بإخبارهم بالذي ينبغي و يقول ليبلغ الشاهد منكم الغائب و أبلغوني حاجة من لا يقدر على إبلاغ حاجته … لا يذكر عنده إلا ذلك و لا يقيد من أحد عثرة يدخلون روادا و لا يفترقون إلا عن ذواق و يخرجون أدلة…
كان رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) يخزن لسانه إلا عما كان يعنيه، و يؤلفهم و لا ينفرهم… و يحذر الناس و يحترس منهم من غير أن يطوي عن أحد بشره و لا خلقه، و يتفقد أصحابه، و يسأل الناس عما فی الناس، و يحسن الحسن و يقويه، و يقبح القبيح و يوهنه، معتدل الأمر غير مختلف، لا يغفل مخافة أن يغفلوا و يملوا، و لا يقصر عن الحق و لا يجوزه، الذين يلونه من الناس خيارهم، أفضلهم عنده أعمهم نصيحة للمسلمين، و أعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة و موازرة…
كان لا يجلس و لا يقوم إلا على ذكر، لا يوطن الأماكن و ينهى عن إيطانها و إذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلسو يأمر بذلك، و يعطي كل جلسائه نصيبه، و لا يحسب أحد من جلسائه أن أحدا أكرم عليه منه، من جالسه صابره حتى يكون هو المنصرف عنه، من سأله حاجة لم يرجع إلا بها أو بميسور من القول، قد وسع الناس منه خلقه و صار لهم أبا، و صاروا عنده في الخلق سواء، مجلسه مجلس حلم و حياء و صدق و أمانة، و لا ترفع فيه الأصوات، و لا تؤبن فيه الحرم، و لا تثنى فلتاته…
… كان (صلی الله علیه و آله و سلم) دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب، ليس بفظ و لا غليظ و لا صخاب و لا فحاش و لا عياب، و لا مداح، يتغافل عما لا يشتهي، فلا يؤيس منه و لا يخيب منه مؤمليه، قد ترك نفسه من ثلاث: المراء و الإكثار و ما لا يعني و ترك الناس من ثلاث: كان لا يذم أحدا و لا يعيره، و لا يطلب عثراته و لا عورته، و لا يتكلم إلا فيما رجى ثوابه…”»
«مأخوذ من کتاب “معانی الأخبار”، تألیف: “الشیخ الصدوق (ره)” (مع التلخیص)» (1)
بمناسبة حلول 17 ربيع الأول،
يبارك و يهنئ موقع الرشد مسلمي العالم و بالأخص أصدقاء الموقع الأعزاء، ذكرى مولد
نبي الرحمة و أسوة الفضائل،
خاتم الأنبياء،
محمد بن عبدالله (صلی الله علیه و آله و سلم).
الهامش:
1- معاني الأخبار، الصفحة 81