إن انتظار الفرج قوة موجبة و هو اتجاه عالي. فهو الطاقة التي تصنع الإنسان و تسلبه القرار و الراحة أيضاً و يدفعه الى الحركة، و هو اتجاه عالي لأنه یهدي الإنسان إلی طریق مبدأه و بنیانه التوحید. إن الإنتظار في ماهیته يوجّه الإنسان المنتظر باتجاه مبدأ العالم و إله الوجود و منبع الکون. و أيضاً يتطلّع هذا الفرد المنتظر الى الفرج الذي یتحقق بالقدرة المطلقة الإلهیة. إن توجه منتظري الفرج يكمن بظهور «المهدي». و لكن من هو المهدي؟ هو عبد الله و خليفته و وليه في الأرض، و هو حي بقدرة الله و الأرض تدبّر بواسطته. و سوف يظهر يوماً بأمرٍ من الله ليستقر العدالة و ينجي الجامعة البشرية.
لهذا فإن الإنسان ینتبه في هذا الأمر إلی الله عز و جل. و إن هذا البُعد التوحيدي للإنتظار و التوجه الى الله تعالى و طلب الفرج من ساحته من أهم أصول هذا الإعتقاد و العقيدة. و على منتظري المهدي التوجه الى الله و أن یمیل قلبه إلیه و طلب الفرج منه. و قد علّمنا هذا أئمتنا، و يقول الرسول الأكرم (صلى الله عليه و آله و سلم): « أفضل أعمال أمتي إنتظار الفرج من الله عز و جل »
و لكن فإن أفق الإنتظار أوسع من هذا، فالانتظار أيضاً التوجه الى الأنبياء و بمذاهبهم و تجديد العهد معهم، و يشمل أيضاً التوجه الى مقام هدایة النبي الأكرم (صلى الله عليه و آله و سلم). يدور عيون منتظري الفرج الى من یجتمع فیه صفات الأنبیاء و آثارهم، و يظهر عند ظهور المهدي آثار تلك الصفات فیه. من أراد أن يرى آدم، شيث، نوح، إبراهيم، موسى، عيسى، داوود، سليمان، و يوسف عليهم السلام و غيرهم من الأنبياء، و على رأسهم النبي محمد (صلى الله عليه و آله و سلم)، فلينظر اليهم من خلال المهدي (عليه السلام).
فسوف يظهر لكي يُحقق أمل الأنبیاء و يبسط دين الله على وجه الأرض، و يُنشر نداء التوحيد في كل الأرجاء و يُقيم العدل و القسط في الأرض.
أما بعيداً عن الوجوه الإعتقادية حول انتظار الفرج، فمن الضروري الالتفات الى نقطة الدعوة بحماس و الإقدام التي هي من أصل و أساس «الانتظار». إن كنتم تنتظرون أحداً ليقيم العدل فيتّضح إنكم من مريدي العدالة، و إن لكل فرد له عقيدة بشيء، فيتعهد لذاك الشيء. فلذا، كيف يمكن لرجل مؤمن بالعدالة و الحق، و يتعهد لإجرائهما، أن يبقى صامتاً مدى عمره و يتحمل كل أنواع الظلم و الجور، و يلقي عقيدته جانباً الى أن يظهر الموعود بعد سنين طويلة ليحقق عهوده و معتقداته؟ كيف يمكن لإنسان مؤمن و متعهد أن يقوم بعملٍ كهذا؟ إن لأصحابه تكاليف يقومون بها عند ظهور المهدي الموعود، و لكن ما هو تکلیفنا في يومنا هذا؟ لا . . . فإن الکسل و الصمت لن یقبلا. إن الانتظار دعوة يجلب معه الحماس و الإقدام و هدایة للحرکة و التقدم و الرجاء بالوصول.
“كونو قوّامين بالقسط” (سورة النساء الآية 135)
(مأخوذ من كتاب” شمس المغرب” تأليف محمد رضا الحكيمي مع بعض التغيير و التصرف)
بمناسبة حلول النصف من شعبان
، يبارك موقع الرشد طالبي العدالة و منتظري الفرج، بالذكرى السنوية لميلاد
منجي عالم البشرية، و ناصر المستضعفين، إمام الرحمة، و قائد الهداية
و مقيم العدل الإلهي،
الحجة بن الحسن العسكري عليه السلام.