في يوم عاشوراء، كان الأعداء في تمام الاستعداد للحرب إلی أنهم قد منعوا الماء من أطفال الإمام و كانوا ينتظرون أقل إشارة كي يبدأوا المعركة، ولكن الإمام الحسين (عليه السلام) کما قال عند وروده بأرض کربلاء لم یکن یرید إبتداء الحرب بل و حتى إذا أمكن أراد أن يوعظ هؤلاء و ينصحهم. أراد الإمام (عليه السلام) أن يشخّص الحق من الباطل، و من جهة أخرى ألا يكون من بين هؤلاء أحداً یسفک دمه جاهلاً للحقیقة و بذلک يقع في الهلاك الأبدي من دون توجه للحقيقة. في صباح عاشوراء بعد أن نظّم الإمام (عليه السلام) صفوف جيشه، ركب فرسه و ابتعد عن الخيمة بمسافة و بصوتٍ عال و واضح خطب في جيش عمر سعد قائلاً:
“َيایها النّاس اسمعوا قولى ولا تعجلوا حتّى اعظكم بما هو حق لكم علىّ وحتّى اعتذر اليكم من مقدمى عليكم فان قبلتم عذرى وصدّقتم قولى و اعطيتمونى النّصف من انفسكم كنتم بذلك اسعد ولم يكن لكم علىّ سبيل و ان لم تقبلوا منّى العذر و لمْ تعطوا النَّصف من انفسكم فاجمعوا امركم و شركاءكم ثمَّ لا يكنْ امركم عليكم غمَّة ثمَّ اقضوا الىَّ و لا تنظرون انَّ وليِّي اللّه الَّذى نزَّل الكتاب و هو يتولّى الصّالحين…”
و من ثم قال:
” عباد الله! اتقوا الله و كونوا من الدنيا على حذر، فإن الدنيا لو بقيت لأحد أو بقيت عليها أحد، كانت الانبياء أحق بالبقاء، و أولى بالرضى، و أرضى بالقضاء، غير أن الله تعالى خلق الدنيا للبلاء، و خلق أهلها للفناء، فجديدها بال، و نعيمها مضمحل، و سرورها مكفهر، والمنزل بلغة و الدار قلعة، فتزودوا، فإن خير الزاد التقوى، فاتقوا الله لعلكم تفلحون “…
هذه هي عاطفة و محبة إمام و قائد إلهي و إنسان مسالم في مقابل عدو سفاک، و هذا هو الحسين الذي هو إلی آخر لحظات عمره الشريف لم يذكر أحداً سوى الله تعالى. في آخر لحظات حياة الإمام و بعد أن قُتل جميع أصحابه حيث لم يبق سواه بين الأعداء قائماً توجه الى السماء للمرة الأخيرة مناجياً ربه رب العالمين:
“صبرا على قضائك يا رب لاإله سواك ، يا غياث المستغيثين ، مالي رب سواك ولا معبود غيرك ، صبرا على حكمك يا غياث من لا غياث له ، يا دائما لا نفاد له ، يا محيى الموتى ، يا قائما على كل نفس بما كسبت احكم بينى وبينهم وأنت خير الحاكمين .”
و حین ما وضع خده علی التراب کان یقول :
“بسم اللّه و باللّه و فى سبيلِ اللّه و على ملَّة رسول اللّه”
« مأخوذ من کتاب “کلمات الحسین بن علي من المدینة الى کربلاء”، تألیف محمد صادق النجمي »
بحلول العاشوراء الحسيني،
يعزي موقع الرشد أحرار العالم بذكرى استشهاد سيد الشهداء
الإمام الحسـين (عليه السلام )
و اصحابه الأبرار