ربنا! إن اليوم يوم عيد الفطر. يوم الإنابة إليک. قد منحتني في هذا الشهر آلاءاً و نعمات کثيرة. قد ساعدتني في التقرب إليک. لکن بعد هذا ماذا علی أن أفعل؟ أمامی أيام أخری تبتعد فیها عنی هذه الحالات فأما عيني ستسوق إلی الخطأ، بينما کانت تبکي لک في ليالي القدر. و أحس بأن يدی و لساني و کل وجودي يفقد القرب منک. أدري أن هذه التغيرات حصيلة اعمالي ايای. فالآن انا عبدک الخجلان، ولکن ماذا أفعل؟
ربما تکون هذه الکلمات نغمات قلوب کثير من الناس في يوم العيد. يا تری کيف يمکن ان نحتفظ علی هذا القرب من الله سبحانه؟
يتعود التجار علی ضبط اعمالهم و محاولاتهم اليومية الإاقتصادية في مفکرة لکی يعرفوا ربحوا في ذلک اليوم ام خسروا و کذلک أن يطلعوا علی الديون، و الواجب من الضرائب، السلع، و کم البيع و البضائع الموجودة في المخزن و بصورة ملخصة بأمکانهم تشخيص کل ما لديهم من المال بنظرة واحدة و ماذا عليهم أن يفعلوا في المستقبل.
يا تری لماذا لا نفعل أنا و أنت هکذا في اعمالنا اليومية؟ لماذا لا نلاحظ و نحاسب أعمالنا الصالحة و أفعالنا القبيحة؟ ربما نتصور أن الاعمال القبیحة لا تضر بأنفسنا و الأعمال الحميدة لا يفيدنا شیئاً؟ و لهذا لا نحاسبها. ألسنا علی اليقين أن الأعمال المعروفة تؤدی إلی القرب من الله و رضاه سبحانه و ألسنا علی العلم أن السيئات و المعاصي تباعدنا عنه؟ ألا نقر بأن کل أعمالنا صغيرة کانت او کبيرة، حسنة کانت او سيئة مضبوطة و مسجلة عند البارئ البصير و ستعرض في يوم الدین؟ اذن لم لا نختص وقتاً خاصـاً في اوقات الليل و النهار لمحاسبة الأعمال و لم لا نستغفر الله سبحانه و تعالی عن معاصينا و لم لا نمهد انفسنا ليوم غد احسن مع اعمال أفضل؟[note]1- مأخوذ من ترجمة و شرح کتاب “محاسبة النفس” لسيد بن طاووس، لعباسعلی المحمودي [/note]
عن هذا الطريق نتمکن من التفکر حول أعمالنا اليومية و الحصول علی نتائج مفيدة حولها. عن هذا الطريق يمکن أن نتخد قرارات حاسمة في مواصلة الأعمال الصالحة و ترک الأعمال القبيحة ليوم الماضي و محاولة في جبرانها.
إن محاسبة النفس ذات قيمة عظيمة إلی حد يقول النبی الأکرم خلال وصاياه القيمة إلی ابي ذر:
«يا أبا ذر حاسب نفسك قبل أن تحاسب فإنه أهون لحسابك غداً و زن نفسك قبل أن توزن و تجهز للعرض الأكبر يوم تعرض لا تخفى على الله خافيةٌ … إلى أن قال:
يا أبا ذر لا يكون الرجل من المتقين حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبة الشريك شريكه…»[note]2- وسائل الشيعة، مجلد 16، صفحة 98 [/note]
أجل، أحد مفاتيح الإنابة إلی الله سبحانه و تعالی و الإستقامة و الإستقرار في صراطه الأقوم هي محاسبة النفس. من الممکن أن نحسب هذا العمل بسيطاً جداً، ولکن إن نستمر في هذا العمل وفق برنامج و تخطيط منظم و متوالي و في نفس اليوم، سنکون ناجحين في مواصلة اعمال حسنة و اجتناب اعمال سيئة قبل فوات الأوان.
«فنحن مودعوه (شهر رمضان) وداع من عز فراقه علينا و غمنا و أوحشنا انصرافه عنا و لزمنا له الذمام المحفوظ و الحرمة المرعية و الحق المقضي فنحن قائلون السلام عليك يا شهر الله الأكبر و يا عيد أوليائه». [note]3- مأخوذ من دعاء 45 من الصحيفة السجادية، دعاء الوداع مع شهر رمضان المبارک [/note]
يهنئ و يبارک موقع الرشد عيد الفطر المبارک، الذي هو
عيد الرحمة و الإنابة إلی الله سبحانه
و يوم فضيلة و شرافة الصلحاء
إلی المسلمين کافة، و خاصتاً إلیک صديقنا الحميم.
الهوامش: