مصير أمّة

  1. خانه
  2. »
  3. عيد غدير الخم
  4. »
  5. مصير أمّة

إکتظّت الصحراء خارج المکة المکرمة بحشد الناس و تخلو مکّة من الناس و فجأةً يهبط الهاتف الغيبي علی النّبي الأکرم (صلّی الله عليه و آله و سلّم) و يقرأ عليه الآية الکريمة التي تشتمل علی أمرٍ حاسمٍ علی خاتم الرسل السماويين (صلّی الله عليه و آله و سلّم):

“يا أيها الرسول بلّغ ما أنزل إليک من ربّک و إن لم تفعل فما بلّغت رسالته و الله يعصمک من الناس …”[note]1- القرآن الکريم، سورة المائده، الآية 17 [/note]

إنّ التدقيق في محتوی هذه الآية يظهر أنّ أمر الذي أمر الله النبي (صلّی الله عليه و آله و سلّم) بإبلاغه کان قد عُرض عليه سابقاً لأنّ الآية تقول: «ما أنزل إليک من ربّک». فسؤال الذي يُطرح هنا، لماذا لم يبلّغ النبي (صلّی الله عليه و آله و سلّم) ذلک الأمر حتی ذلک الوقت؟ نعلم يقيناً أنّ النبي الأکرم (صلّی الله عليه و آله و سلّم) لا يتهاون و يتساهل في واجباته، إذن السبب في تأخير الإبلاغ هي أنّ البيان کانت خطيرةً و مهمةً جدّا و يتحدّد هذا السبب من عبارة في هذه الآية الکريمة: «و الله يعصمک من الناس». لذلک کان النبي (صلّی الله عليه و آله و سلّم) يتحيّن الفرصة المناسبة؛ لکن مع نزول هذه الآية الکريمة، قد وصله أمر إبلاغه العاجل.

لکنّ الموضوع لا ينتهي هنا. إنّ هذا الإبلاغ ذو قيمةٍ عالية بحيث إذا لم يمعن النظر فيه کأنّه لم يتمّ أصل الرسالة أو أنها إنحرفت عن مسارها. في الواقع ما هي هذه الحقيقة الکبري؟ هل يمکن ان تکون هذه الحقيقة العظيمة أحد الأحکام أو عدة أحکام عملية؟ إذا لم يتمّ إبلاغ عدة أحکام عملية فهذا يسبّب النقص في جزءاً من أجزاء الرسالة لا جميها! اذن يجب أن يکون ذلک الأمر يتعلّق بحفظ الرسالة و استمرارها و وقايتها من الإنحراف.

في نهاية الآية يعد الله عزّوجلّ نبيّه (صلّی الله عليه و آله و سلّم) بأن يحفظه من شر الناس و أعدائه.[note] 2- من الطرائف أن الله عزوجلّ لا ينفي هذا الخطر بل يعد نبيّه (صلّی الله عليه و آله و سلّم) بحفظه من هذا الخطر و إلي جانبه، يحذّره بتداعيات ترک إبلاغ هذا الأمر و الذي يعدل ضياع الرسالة برمّتها.[/note] في الحقيقة ما هو هذا الشيء الذي لو يُبلغ لأحدث خطراً کبيراً؟ لقد أبلغ النبي الأکرم (صلّی الله عليه و آله و سلّم) سابقاً أحکام الزکوة و الجهاد و البرائة من الأقرباء المشرکين، لکن النبي الاکرم (صلّی الله عليه و آله و سلّم) لم يتخمّن خطر مواجهة أي نوع من المعارضة في کل من تلک الأحکام الصعبة. و الآن ما هو هذا الحکم الذي ينتظر الرسول (صلّی الله عليه و آله و سلّم) الفرصة المناسبة لإبلاغه؟

يجب أن يکون الأمر موضوعاً مثيراً لأطماع الأعداء و مع هذا البلاغ سوف ييأس الطامعون و سوف تتزلزل مصالحهم. لو دقّقنا جيداً في الآيات القرآنية و صفحات التأريخ سوف نجد جواباً شافياً.

کما يذکر القرآن الکريم إن مجموعة من المنافقين و المشرکين کانوا يتحدّثون مع بعضهم البعض بأنّ ليس لمحمّد (صلّی الله عليه و آله و سلّم) ولد يخلفه، لذلک کانوا يتنظرون وفاة النبي الاکرم (صلّی الله عليه و آله و سلّم)[note] 3- لقد ذُکرت قضية إغتيال النبي (صلّی الله عليه و آله و سلّم) علی أيدي المنافقين في ليلة العقبة ضمن مسار عودته من غزوة تبوک في المراجع الشيعية و السنية المعتبرة و المتّفق عليها من قِبل المسلمين … و نمودجاً لذلک بعض المراجع السنيه المعتبرة التي أشرت إليها هي:مسند أحمد، المجلد 5، الصفحة 453 – البدایة و النهایة، المجلد 5، الصفحة 26- تفسیر إبن کثیر، المجلد 2، الصفحة 387- تفسیر در المنثور، المجلد 3، الصفحة 259- تفسیر القرطبي، المجلد 8، الصفحة 207 – السیرة الحلبیة، المجلد 3، الصفحة 162 و ….[/note] و کانوا يتمنّون بأنّ هذا الدين مع موت نبيّه سوف يزول. حتی إنّ عدة من المنافقين کانوا يأملون قيادة الحکم بزعمهم. لذلک قاموا بمؤامرة إغتيال النبي (صلّی الله عليه و آله و سلّم) ليلة العقبة لکي يصلوا إلي متبغاهم في أسرع وقت ممکن. لکنّ الله عزّوجلّ حفظ النبي الأکرم (صلّی الله عليه و آله و سلّم) و لم تتمّ تلک المؤامرة.[note]4- يزيح القرآن الکريم الستار عن طموح الکفار في هذا الشأن و يذکره بهذا الشکل:

“أَمْ يقولون شاعر نتربَّص به ريب المنون‏” (سورة الطور، الآية 30)[/note]

لذلک إذا دقّقنا في الأمر لن تکون الحقيقه الکبيرة التي تَتبع خطر مواجهة الأعداء، سوی إعلام خليفة النبي (صلّی الله عليه و آله و سلّم) التي تتکفّل بها حادثة الغدير.

إنّ جميع الطامحين للمقام و السلطة، کانوا يطمعون في إحراز هذا المقام. في تلک الظروف لو أنّ الرسول الأکرم (صلّی الله عليه و آله و سلّم) نصّب الشخص المناسب لهذا المقام فإنّ مصالح و أحلام هؤلاء الطامحين للجلوس مکان النبي (صلّی الله عليه و آله و سلّم) سوف تذهب أدراج الرياح.

و من جهة أخري، لو لم يُحدَّد هنا الولي الصالح أو لم يبلغ النبي (صلّی الله عليه و آله و سلّم) ذلک الأمر و يعلنه، سوف يبقی الإسلام دون قائد و حارس له و سوف يزول. و بالتالي عدم إبلاغ الخليفة المحدّدة من قِبل الله عز و جلّ، سيکون کعدم إبلاغ الرسالة. لأنّه مع هذا الوضع سوف يزول الإسلام و يضيّع. لذلک فانّه بأمرٍ من الله، صَدَحَ نداء الرسول الاکرم (صلّی الله عليه و آله و سلّم) في وادي غدير خم بين حشد المسلمين:

«من کنت مولاه فهذا علي مولاه»[note] 5- مقطع من خطبة الغدير (يمکنکم المراجعة المقال “واقعة غدير و أهميتها” لتعرّف أکثر علی حادثه الغدير و أسانيدها و مراجعها السنية و الشيعية المعتبرة.)[/note]

(مقتبس عن کتاب “الأفکار الراسخة في معرفة المبادئ العقائدية” تأليف المرحوم سيد محمد الموسوي النوري)

يهنئ موقع الرشد، مناسبة حلول عيد الغدير و إبلاغ الأمر الإلهي بخصوص ولاية أميرالمومنين الأمام علي بن أبي طالب (عليهما السلام) لجميع المسلمين و خصوصاً إليک صديقنا الحميم.

الهوامش:

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *