«لنغتنم الفرصة…»

في بعض الأحيان تلهينا الأفكار و الأعمال اليوميّة المعقدّة في نسيان المسائل المهمّة. و في بعض الأوقات نحسب بعض النعم الموجودة و الحاضرة حولنا عاديّة ولا نفكّر فيها و لا نعرف قدرها و قيمتها  الّا بعد فوات الأوان…

في الحقيقة لمن نحن مدينون في نجاحنا؟ مع إلفات النظر إلی الماضي نرى أنّنا مديونون في توفيقنا لأشخاص قد نسينا کثيراً منهم احياناً، أشخاص ألذين يحاولون في تمهيد توفيقنا مع كلّ المصاعب و المشاكل العديدة، و لكنّنا لم نعتري كثيراً بهم و بفدائهم لنا. مع أنّ عدم الإنصاف أمر غير مقبول في كلّ الظروف و عند الجميع، و لكن في موضوعنا، فهم أشخاص يجب أن نقدرهم أكثر من أيّ شخص آخر، و يجب ألا نجعل المصاعب و المشاكل اليوميّة أن تنتج لنا ظروف لكي ننساهم … نعم! الأم و الأب.

بين تعاليم الأديان الإلهيّة حول الوالدين و حقوقهما، مكتب أهل البيت (علیهم السلام) ذو تعالیم لطیفة و طريفة خاصّة. فمثلاً، عندما نتطرّق لمكتب الإمام الثامن، الإمام عليّ بن موسى الرضا (علیه السلام)، يحدّثنا الإمام بهذا الكلام:

“و اعلم أن حقّ الأمّ ألزمُ الحقوق و أوجبها لأنّها حملت حيث لا يحمل أحد أحدا و وقت بالسمع و البصر و جميع الجوارح مسرورة مستبشرة بذلك فحملته بما فيه من المكروه و الذي لا يصبر عليه أحد و رضيَت بأن تجوع و يشبع ولدها و تظمأ و يروي و تعري و يكتسي و يظلّ و تضحى فليكن الشكر لها و البرّ و الرفق بها على قدر ذلك و إن كنتم لا تطيقون بأدنى حقّها إلا بعون الله و قد قرن الله عزّ و جلّ حقّها بحقّه فقال: «اشْكُرْ لِي وَ لِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ»(1)”

إنّ الأب عند الإمام الرضا (علیه السلام) له احترام و حقوق لابأس بها. و يقول الإمام في ذلك:

“عليك بطاعة الأب و برّه و التواضع و الخضوع و الإعظام و الإكرام له و خفض الصوت بحضرته فإنّ الأب أصل الإبن و الإبن فرعه لولاه لم يكن بقدرة الله. ابذلوا لهم الأموال و الجاه و النفس و قد أروي أنت و مالك لأبيك فاجعل له النفس و المال تابعوهم في الدنيا أحسن المتابعة بالبرِّ و بعد الموت بالدعاء لهم و الرحم عليهم فإنّه رُوي أنّ من برّ أباه في حياته و لم يدع له بعد وفاته سمّاه الله عاقاً”

فالآن حذار أن نقع في مستنقع حياة الروتينيّة و حذار أن نكون قد نسينا والدينا و قد أسرفوا في توفيق حياتنا. حذار أن يدمع الأب و الأم دمع انتظار محبّتنا و توجّهنا. لنتوسّط بهذه الأيـّام المباركة بمولد مظهر المحبّة و العطف لنزور والدينا و أن نبسط لهم من لطفنا و توجّهنا في أيّ مكان كانوا، و أن نطلب من الله أن يوفّقنا لكي نردّ القليل من تعبهم علينا …

«مأخوذ من کتاب ” فقه الرضا (علیه السلام)”، منسوب  بالإمام عليّ بن موسی الرضا (علیه السلام)»

11 ذي القعدة ، يبارك موقع الرشد

 مسلمي العالم و خاصّتاً أصدقاء الموقع الأعزّاء

بمناسبة ذكرى ميلاد ثامن الحجج ، عالم آل محمّد و نور الهداية

الإمام عليّ بن موسی الرضا (علیه السلام) .

الهامش:

1 ـ ” …أن اشکر لي و لوالدیك الی المصیر ” (سورة لقمان، الآیة 14)

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *