“عیون قلقة من مصیر الأمة”

  1. خانه
  2. »
  3. الرسول الأکرم (صلی الله علیه و آله و سلم)
  4. »
  5. “عیون قلقة من مصیر الأمة”

کان یسکب الماء علی ذلک الجثمان المطهر و الملول و هکذا یناجيه:

“بأبي أنت و أمي يا رسول الله لقد انقطع بموتك ما لم ينقطع بموت غيرك من النبوة و الإنباء و أخبار السماء خصصت حتى صرت مسلياً عمن سواك و عممت حتى صار الناس فيك سواءً و لو لا أنك أمرت بالصبر و نهيت عن الجزع لأنفدنا عليك ماء الشئون و لكان الداء مماطلًا و الكمد محالفاً و قلا لك و لكنه ما لا يملك رده و لا يستطاع دفعه بأبي أنت و أمي أذكرنا عند ربك و اجعلنا من بالك.” (1)

نعم، هکذا کان یودّع أمیرالمؤمنین (علیه السلام) جثمان رسول الأکرم (صلّی الله علیه و آله و سلّم) المطهر؛ الرسول الذی إحتمل مصائب هائلة و لم یهمل شیئا لأجل هدایة الناس طوال ثلاث و عشرين سنة من إبلاغ رسالته و حتی کان علی وشک بذل نفسه في هذا الطريق (2). والان قد إنطلق روحه المقدس الی رحمة الله لکن لا یزال قلق من أمته…

هکذا یعرب أمیرالمؤمنین (علیه السلام) عن قلق رسول الله (صلّی الله عليه و آله و سلّم): “قد قال لي رسول الله (صلّى الله عليه و آله و سلّم) إني لا أخاف على أمتي مؤمناً و لا مشركاً. أما المؤمن فيمنعه الله بإيمانه و أما المشرك فيقمعه الله بشركه و لكني أخاف عليكم كل منافق الجنان عالم اللسان يقول ما تعرفون و يفعل ما تنكرون.” (3)

القرآن الكريم أيضا يؤيّد قلق رسول الله (صلّى الله عليه و آله و سلّم) إذ يعارض المنافقين معارضة شديدة و يكرّ عليهم كرة عنيفة بذكر مساوي أخلاقهم و أكاذيبهم و خدائعهم و دسائسهم و الفتن التي أقاموها ضد النبي (صلّى الله عليه و آله و سلّم) و ضد المسلمين، و قد وعدهم الله في كلامه أشدّ الوعيد بالطبع على قلوبهم و جعل الغشاوة على سمعهم و على أبصارهم و إذهاب نورهم و تركهم في ظلمات لا يبصرون في الدنيا و بجعلهم في الدرك الأسفل من النار في الآخرة.

و ليس ذلك إلا لشدة المصائب التي أصيب الإسلام و المسلمين من كيدهم و مكرهم و أنواع دسائسهم. و قد ظهر آثار دسائسهم و مكائدهم اوائل هجرة النبي (صلّى الله عليه و آله و سلّم) إلى المدينة فورد ذكرهم في سور عديدة بالإشارة إلى دسائسهم و فنون من مكائدهم كانسلالهم من الجيش الإسلامي في معرکة أحد و کانوا يشکّلون حوالی ثلث جيش المسلمين، و عقدهم الحلف مع اليهود و استنهاضهم على المسلمين (4) و بنائهم مسجد الضرار (5) و إشاعتهم حديث الإفك (6) و قضية إغتیال رسول الله (7) إلى غير ذلك مما تشير إليه الآيات حتى بلغ أمرهم في الإفساد و تقليب الأمور على النبي (صلّى الله عليه و آله و سلّم) إلى حيث هدّدهم الله بمثل قوله: “لئن لم ينته المنافقون و الذين في قلوبهم مرض و المرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا ملعونين أينما ثقفوا أخذوا و قتلوا تقتيلا.”(7)

هناک سؤال مهم و اساسي یطرح نفسه و هو : کیف انقطع الخبر عن المنافقين فی أوراق التاریخ برحيل رسول الله (صلّى الله عليه و آله و سلّم) و انعقاد الخلافة و انمحى أثرهم فلم يظهر منهم ما كان يظهر من الآثار المضادة و المكائد و الدسائس المشؤومة. هل مع رحیل رسول الله (صلّى الله عليه و آله و سلّم) رحل النفاق أیضاً من قلوبهم؟ او هولاء الذین کانوا یتربصون بالمسلمین الدوائر و یأملون المصائب لهم، تغیّرت رؤیتهم و کفّوا عن النفاق دفعتاً؟

فهل كان وقف آثار النفاق لأن المنافقين اعتنقوا الإسلام الصافي و أخلصوا الإيمان عن آخرهم برحلة النبي (صلّى الله عليه و آله و سلّم) و تأثرت قلوبهم من موته ما لم يتأثر بحياته؟ أو أنهم صالحوا أولياء الحكومة الإسلامية على ترك المزاحمة بأن يسمح لهم ما فيه أمنيتهم مصالحة سرية بعد الرحلة أو قبلها؟

 لعل التدبر الكافي في حوادث آخر عهد النبي (صلّى الله عليه و آله و سلّم) و الفتن الواقعة بعد رحلته يهدي إلى الحصول على جواب شاف لهذه الأسئلة.

(ماخوذ من “الميزان في تفسير القرآن”، تأليف: علامة السید محمد حسين الطباطبايي مع بعض التصرف و التلخیص)

28 صفر، نعزي مسلمي العالم وبخصوص أنتم أصدقائنا الأعزاء،

 الذكرى السنوية لرحيل خاتم النبیین و رحمة للعالمین

الرسول الأکرم، محمد المصطفی (صلّی الله علیه و آله و سلّم)

واستشهاد سبطه الأكبر،

الامام الحسن بن علي المجتبی (علیه السلام) .

في هذه المناسبة قام موقع الرشد بتصميم و إعداد خلفية. يمکنک الضغظ علی الصورة لاستلامها.

 الهوامش:

1. كلام أميرالمؤمنين (عليه السلام) عند تغسیل النبي (صلّی اللّه عليه و آله و سلّم)، نهج البلاغة خطبه 226

2. َلعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلَّا يَكُونوا مُؤْمِنِينَ. (سورة الشعراء، آیة 3)

3. نهج البلاغة، مقطع من رسالة 27

4. للمزید من المعلومات، بإمکانکم مراجعة “المیزان فی تفسیر القرآن” ذیل الآیات البدائية من سورة الحشر .

5. بادر المنافقون ببناء مسجد إسمه ضرار کی یکون مکان لاجتماعهم و تنسیق برامجهم و یأثّر اثراً سلبیاً علی محوریة مسجد النبي (صلّى الله عليه و آله و سلّم)  لکن الله تبارک و تعالی عرّف ذلک البناء بمکان الاحتیال و الخدع علی المسلمین و کشفَ عن مؤامرتهم (للمزید من المعلومات، راجعوا الی کتاب المیزان فی تفسیر القرآن ذیل الآیات المرتبطة)

6. فی هذه القضیة اتهموا المنافقون إحدی زوجات رسول الله (صلّى الله عليه و آله و سلّم) و انتهکوا احترامها و القرآن یشیر الی هذه القضیة خلال آیتین 11و 12 من سورة النور (للمزید من المعلومات، راجعوا الی کتاب المیزان فی تفسیر القرآن ذیل الآیات المرتبطة)

7. حسب نقل کتب معتمد من الشیعة و السنة، فی سنوات أخیرة من حياة رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، قرّر عدد من المنافقین علی إغتیال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) ضمن عقد جلسة، للحصول علی آمالهم المشؤومة في أسرع وقت؛ لهذا اختبئوا في مضیق یطل علی واد عمیق فی طریق رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)  کی یرعبوا جمَله برمی الأحجار و بالتالی یغتالوا رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)؛ لکن الله تبارک وتعالی أبطل مؤامرتهم و کشف عن أسمائهم لرسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) و احد الصحابة (علی سبیل المثال من مصادر السنة في مسند احمد، مجلد 5، صفحة 453- مجمع الزوائد، مجلد 1، صفحة 110، مغازی للواقدی، مجلد 3، صفحة 1042- تفسیر الدر المنثور، مجلد 3، صفحة 259و 258 – تفسیر القرطبي، مجلد 8، صفحة 207 و …  قد إشير إلی هذه القضیة.