في بعض الأحيان تدفعنا مشاغل الدنيا عن طريق العبودية و تبعدنا عن المسير الصحيح.
إن إحدى ألطاف البارئ عز وجل علينا هو فتح طريق العودة إلى العبودية. و قد جعل لنا في هذا الطريق أسبابا للخروج من الغفلة و التوجه إلى المسير الصحيح. ليلة عيد الفطر هي من إحدی تلك الأسباب، و قد جاء رواية في هذا المجال:
ان الله تعالى يغفر لعدد من التائبين يساوي عدد من غفر لهم طيلة ليالي شهر رمضان وأيامه..
إذن؛ فليلة عيد الفطر هي ليلة الجائزة والغفران.
وأساسا إننا حينما نسمي يوماً من الأيام يوم عيد، فإنما نعني بذلك ونخصصه بإعتباره يوما لإستئناف الحياة وإعادة الحركة من جديد[note] 1- إن جذور كلمة «العید» في اللغة العربية يأتي من كلمة «العود»بمعنى «الرجعة».[/note]، كعيد الفطر الذي إنتهت عنده أيام الصيام والقيام والدعاء كما نقصد به طي صفحة الماضي بسلبياته، وأن المستقبل لوحدة هو الذي بقي لنا. ففي يوم عيد الفطر حري، بنا أن نفتح صفحة جديدة طاهرة لدى علاقتنا بالله
مع ذلک يجب علينا ألا ننسى أن العودة إلى الطريق، لم یضمن البقاء فيه. ببالغ الأسف أقول: ان كثيراً من الناس يتوبوا يوماً ويذنبون في يوم القابل.. وهكذا تراهم بين توبة وذنب، فلا يدرون كيف ستنتهي حياتهم، أو على الأقل لم يصمموا على ماذا ستكون نهايتهم في الدنيا، غافلين عن الحقيقة الدينية القائلة بأن مصير كل إنسان في الآخرة منغلق باللحظة الأخيرة من حياته في الدنيا، فإن كان خيراً فخير، وإن كان شراً فشر.
لذا يخاطب الله تعالى في القرآن الكريم المؤمنين و يقول: « یا أیها الَّذین أمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً عسى ربّکم أن یکفّر عنکم سیئاتکم و یدخلکم جنَّات تجرِی من تحتها الانهار …»[note]2- سورة التحریم، الآیة 8. [/note]
إن التوبة النصوح هي العزم على الإستمرار في التوبة حتى النهاية، وهي التوبة التي أمر الله تعالى الإنسان المؤمن بها، وهي التي من الممكن أن يمحو الله بها الذنوب والسيئات، فالتوبة النصوح تمحو الماضي المقيت، وتسمح للمؤمنين في يوم القيامة بحمل صفحاتهم بيضاء دون لوث…
على سبيل المثال، يقول الإمام السجاد (علیه السلام) بالإشارة الى هذه الآیة في مناجات «التائبین»:« اللهم انت الذی فتحت لعبادك بابا الی عفوك و سمیته التوبه فقلت تبارك اسمك توبوا الی الله توبه نصوحا فما عذر من اغفل دخول الباب بعد فتحه… »[note] 3- مفاتیح الجنان، مناجات التائبین.[/note]
ما اجمل أن نرجع إلى البارئ سبحانه و تعالی في هذا الزمان العظیم بقرار و عزمٍ من سواد القلب، و نرفع أيدينا في سبيل رحمته و نطلب من بحار رحمته الواسعة التوفيق الى التوبة الحقيقية.
(مأخوذ من کتاب «أحادیث رمضانیة»، التألیف: آیة الله السید محمد تقي المدرسی (مع بعض التصرف و التلخیص))
يبارك و يهنئ موقع الرشد مسلمي العالم
و بخصوص أصدقاء الموقع الأعزاء
بمناسبة حلول عيد الفطر السعيد
عيد العبودية و فرصة الرجوع الى الفطرة الإلهية.
الهوامش: