اقترب موكب الإمام الى مدينة مرو و كان الناس ملهوفين بشوقٍ شديد لقدومه، و قد استعد المأمون العباسي و من حوله لاستقبال الإمام. و عند ورود الإمام عانقه المأمون في مقدّمة الناس و رحب به و لم يزل يتظاهر معه بالمحبة الى أن وصل محل إقامته.

كانت تقع مبنيين مجانباً في حديقة و كان الممر المتصل بينهم ضيق، و في عبارة أخرى بني بناء مضاعف كان المأمون يسكن إحداها و في الأخرى الإمام الرضا (عليه السلام).

حضر المأمون عند محضر الإمام المعصوم و مع كياسة خاصة قال له: “يا ابن رسول الله! إنني أعلم بفضيلتكم و علمكم و عبادتكم و أراك أحق الى الخلافة من نفسي. فلذا استأذن منك أن أخلع نفسي من الخلافة و أهبها لكم و سأكون أول من يبايعكم.”

كان الإمام الرضا (عليه السلام) يعلم بأهداف المأمون العباسي الشنيئة، و قد أعطاه جواباً و على أثره قرر المأمون أن يشدد الأوضاع على الإمام (عليه السلام). 

 كان جواب الإمام (عليه السلام) للمأمون على هذا النحو: ” إن كانت هذه الخلافة لك فلا يجوز أن تخلع لباسا ألبسكه الله و تجعله لغيرك و إن كانت الخلافة ليست لك فلا يجوز أن تجعل لي ما ليس لك.” 

من الممكن أن يخطر في الذهن إشكالاً، و هو لماذا لم يقبل الإمام الرضا (عليه السلام) الخلافة إن كان المأمون العباسي أراد أن يعزل نفسه عن الخلافة؟ و من كان المسؤول ليأخذ بزمام خلافة العالم الإسلامي؟

الجواب هو ان المأمون كان يريد أن يعزل نفسه عن الخلافة بالظاهر فقط، فلم يكن ينوي أن يعزل نفسه عن الخلافة كاملاً بل كان يقصد أن يتداخل في الأمور بجنب الإمام. و بعبارة أفضل، كان يريد أن يكون الإمام مجرد قائداً ظاهري و أن يتولى نفسه زمام أمور كل شيء لكي يستر نفسه و أتباعه تحت ظل الإمام في حال قيام أي عمل للوصول إلى مقاصده و منافعه.

من جهة إدارة الحكومة فكان مسير جميع عمال الحكومة و أشخاصها في جهة معكوسة من حكومة الإمام الرضا (عليه السلام) الإلهية، و كان الجميع مصاحبي مترف للمأمون العباسي الذين قد اختلفوا مع أسلوب حكومة إمام الرضا اختلافاً أساسياً فلهذا فأن قيادة‌ الإمام في هذه الشرائط و مع هذه العمال لا يمكن.

و من جهة أخرى، و كما بيّنا مسبقاً فإن عزل المأمون لخلافة نفسه لها جانب سياسي و تكتيكي، و أراد‌ أن يبين للناس ان لو وصل الإمام المعصوم الى لذة الحكومة، و العياذ بالله، فلن يتركها فسوف يضع الزهد جانباً. و إلا فكان المأمون عاشقاً للخلافة و الحكومة الى درجة انه لن يلطخ دم الكثير من الناس فقط، بل و حتى فقد قتل أخيه بطريقة وحشية.

أما إذا في واقع الأمر عزل المأمون العباسي و أتباعه عن الحكومة، و أخذ الإمام موسى الر   ضا (عليه السلام) بزمام أمور الخلافة، فإن القيادة و المسئوولية التي أعطاه الله إليه، فسوف يناله إلى منزلها و مستقرها. و كان كجده أميرالمؤمنين ،‌ يحيي العدالة و يبسطه و يتآسى بسيرة حكومة النبي الأكرم ( صلى الله عليه و آله و سلم ) و أميرالمؤمنين ( عليه السلام ) و يسير عليه.

( المأخوذ من كتاب “الإمام الرضا يقود الحياة” ، تأليف ” آية الله السيد محمد الشيرازي )‌(1)

11 ذي القعدة، يبارك موقع الرشد مسلمي العالم و بخصوص أنتم أصدقائنا الأعزاء،

 بالذكرى السنوية لولادة ناصر الفقراء و معين الضعفاء،

الإمام علي بن موسى الرّضا ( علیه السلام).

1- بدليل عدم الحصول على النسخة العربية للكتاب، فهذه المقالة مترجمة من النسخة‌ الفارسية.

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *