لا یتعجّب المطّلع علی التعالیم الإسلامیة و سوابق الإمام علي (علیه السلام) و تربیته على یدی النبي الأکرم (صلّى الله علیه و آله و سلّم) من إهتمام أمیر المؤمنین بالعدالة في سیرته و قدرها الکثیر في عینه.
نعم ألیس یقول الله عز وجل في القرآن الکریم: “لقد أرسلنا رسلنا بالبینات و أنزلنا معهمُ الکتاب و المیزان لیقوم النّاس بالقسط …”(1)
هذه الآیة الکریمة تشير إلی أن هدف بعثة الأنبیاء هو إقامة العدل. لقد وصل مقام العدالة و مرتبتها إلى درجة عالیة حیث بعث الله الأنبیاء لإقامة العدل. فکیف یمکن لشخصٍ مثل علي (علیه السلام) الذي یبیّن القرآن و یفسّره و یوضّح أصول الإسلام و فروعه أن یبقى صامتاً لمثل هذه أو لا یهتم بها؟
علی سبيل المثال نقل بعض المؤرخین أنه في زمن خلافة أمیر المؤمنین علي (علیه السلام) في الکوفه، فُقد درع الإمام (علیه السلام) فوجده عند رجل نصراني، فجاء به إلى القاضي یخاصمه إلیه فقال: إن هذه درعي لم أبع و لم أهب. فسأل القاضي الرجل النصراني: ما تقول فیما یقول أمیر المؤمنین؟
قال النصراني: ما الدرع إلا درعي وما أمیر المؤمنین عندي بکاذب. فالتفت القاضي إلى أمیر المؤمنین (علیه السلام) قائلاً: هل من بینة یا أمیر المؤمنین تشهد ان الدرع لک؟
قال (علیه السلام): لا. فقضى بها للنصرانی.
فمشى هنیة ثم أقبل فقال: أما أنا فأشهد أن هذه أحکام النبیین؛ أمیر المؤمنین يمشي بي إلى قاضیه و قاضیه یقضی علیه. أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شریک له و أن محمدا عبده و رسوله. الدرع و الله درعک یا أمیر المؤمنین. فما مضی إلا قلیل و قد رآه یقاتل مع علي (علیه السلام) الخوارج فی النهروان.(2)
أجل، یجب على هؤلاء الذین لیس لهم إهتمام حول هذه المسائل فی تعلیماتهم و یزعمون بأن العدالة و نظیرها من المسائل في هامش و إنما الصلاة و الصیام و مثليها يشکل الدین فحسب، أن یجددوا أفکارهم و معتقداتهم و یتوجهوا أکثر حول هذه الحکایات في سیرة أمیر المؤمنین (علیه السلام).
(مأخوذ من کتاب “مجموعة آثار الأستاذ الشهید مرتضی المطهري”، المجلدات 16 و 18)
بمناسبة حلول 13 رجب،
یبارک و یهنئ موقع الرشد مسلمی و أحرار العالم
ذکرى میلاد إمام العدالة و مدار الحق
أمیرالمؤمنین الإمام علی (علیه السلام)
الهوامش:
1ـ سورة الحدید، الآیة 25
2- الغارات، المجلد 1، الصحفة 75