«جبل الحلم و الرحمة»

کان مروان عاملا على المدینة و یسب علیا (علیه السلام) کل جمعة على المنبر. أرسل الی الإمام الحسن (علیه السلام) مروان یسبه. فقال الحسن (علیه السلام) لرسوله:”ارجع الیه فقل له: إنى و اللّه لا أمحو عنك شیئا بأن أسبك و لکن موعدي و موعدك اللّه، فان کنت صادقا فجزاك اللّه خیرا بصدقك، و إن کنت کاذبا فالله أشد نقمة.”(1)

طبقا لاعتراف ابن حجر (من متعصبي علماء أهل السنة) کان سبب موته أن زوجته جعدة بنت الأشعث بن قیس الکندى دس الیها یزید(ولکن عند كبار علماء أهل السنة و الشيعة، فإن تواطئ تسميم الإمام المجتبى (عليه السلام) كانت مؤامرة معاوية. يمكنكم مراجعة الهوامش لمزيداً من الإطلاع حول هذا الموضوع)(2) أن تسمه و یتزوجها و بذل لها مائة الف درهم ففعلت، فمرض أربعین یوما فاستشهد.

فلما مات بعثت إلى یزید تسأله الوفاء بما وعدها فقال لها: إنا لم نرضك للحسن فنرضاك لأنفسنا.

لقد جاء في رواية أن بعد تسمم الإمام المجتبى (عليه السلام) قال للإمام الحسين (عليه السلام):

“یا أخى قد حضر وفاتي و دنا فراقي لك، و إنى لاحق بربي و أجد کبدي تقطع، و إني لعارف من أین دهیت فأنا أخاصمه إلى اللّه تعالى فبحقي علیك لا تکلمت فى ذلك بشيء،

فاذا أنا قضیت نحبي فقمصني و غسلني و کفني و احملني على سریري إلى قبر جدي رسول اللّه (صلى الله علیه و آله و سلم) أجدد به عهداً ثم ردني إلى قبر جدتي فاطمة بنت أسد فادفني هناك و أقسم علیك باللّه أن لا تریق فى أمري محجمة دم.

إنى یا أخي سقیت السم ثلاث مرات لم أسقه بمثل هذه المرة”

فسئل الحسین (علیه السلام): من سقاك؟”

فقال الحسن (علیه السلام): “قال: ما سؤالك عن هذا ترید أن تقاتلهم؟”

فقال الحسین (علیه السلام): “نعم”

طلب الإمام الحسن (عليه السلام) أن ينصرفوا عن هذا الجواب و يترك أمرهم الى الله تعالى.

فلما مات بعثت إلى یزید تسأله الوفاء بما وعدها فقال لها: “إنا لم نرضك للحسن فنرضاك لأنفسنا.”(3)

لما مات الحسن بن علي (علیهما السلام) بکى مروان فى جنازته فقال الحسین (علیه السلام): “أتبکیه و قد کنت تجرعه ما تجرعه؟”

فقال مروان: “إني کنت أفعل ذلك إلى أحلم من هذا- و أشار بیده إلى الجبل.” (4)

(مأخوذ من کتاب “فضائل الخمسة”، التألیف: “العلامة الفیروز آبادي”)

بمناسبة حلول 28 من شهر صفر،

يعزي موقع الرشد المسلمين و بخصوص أصدقاء الموقع الأعزاء،

ذكرى شهادة آية الحلم و الوقار و كنز الإيمان و الفتوة،

ثاني أئمة الشيعة

الإمام الحسن بن علي المجتبی (علیه السلام).

الهوامش:

1- الصواعق المحرقة، الصفحة 83

2- عند الشيعة و بناءاً علی الدلائل المستندة التأريخية و في نظر كبار علماء أهل السنة كإبن سعد في الطبقات الكبرى و البلاذري في أنساب الأشراف، فإن استشهاد الإمام المجتبى (عليه السلام) ناشئ من مؤامرة المعاوية و هو الذي وعد جعدة بالزواج مع يزيد في مقابل تسميم الإمام الحسن (عليه السلام). أما بالتوجه لما يقال في نزاهة معاوية عند عدة من أهل السنة و ما يرون فيه من بعده عن أی سوء لصحبته لرسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) فی بضعة أيام و تمسكه بزمام منصب الخلافة، فليس بعيداً من أمثال ابن حجر أن يأتي بعاملٍ كيزيد ليبرّئ ایدی معاوية من دم الإمام الحسن (عليه السلام)؛ حيث بالنظر الی الفجائع الذی حدث في فترة خلافته لم يكن ليزيد أية حرمة و قداسة عند أهل السنة. و لکن لقد اشتدّ تعصّب ابن حجر الی درجة حيث ألّف كتاباً منفصلاً بعنوان “تطهیر الجنان و اللسان عن الخطور و التفوه لثلب سیدنا معاویة بن أبي سفیان” لكي ينزّه معاوية من الجنايات المتعددة التي ارتكبها في حياته.

3- الصواعق المحرقة، الصفحة 83

4- تهذیب التهذیب، المجلد 2، الصفحة 298