«بنور فاطمة إهتديت»

كلمات كالسهم نفذت إلى أعماقي. فتحت جرحا لا أظنه يندمل بسهولة و يسر، غالبت دموعي و حاولت منعها من الإنحدار ما استطعت!

ولكنها انهمرت و كأنها تصرّ على أن تغسل عار التأريخ في قلبي، فكان التصميم للرحيل عبر محطات التأريخ للتعرف على مأساة الأمة و تلك كانت هي البداية لتحديد هوية السير و الإنتقال عبر فضاء المعتقدات و التأريخ و الميل مع الدليل.

كان ذلك في الدار التي يقيم فيها إبن عمي الشيعي! جئت لتحيته و التحدث معه عن أمور عامة… لحظة ثم لفت انتباهي صوت خطيب ينبعث من جهاز التسجيل قائلا ” وهذه الخطبة وردت في مصادر السنة و الشيعة و قد ألقتها فاطمة الزهراء لتثبيت حقها في فدك”، ثم بدأ الخطيب في إلقاء الخطبة.

إلى حين استماعي لهذا الشريط لم أكن على استعداد للخوض في قضايا خلافية مذهبية. قد عرفنا أن الأخ – إبن عمي – شيعي و سألنا الله أن يهديه، و كنا نتحاشى الدخول معه في نقاش بقدر استطاعتنا. و ذلك بعد الحوار الذي مرّ في بداية هذا الفصل. ولكن أبى الله سبحانه و تعالى إلا أن يقيم علينا حجته.

بصوت هادئ جميل بدأ الخطيب في الخطبة و تدفق شعاع كلماتها إلى أعماق وجداني، وضح لي أن مثل هذه الكلمات لا تخرج من شخص عادي حتى و لو كان عالما مفوها درس آلاف السنين، بل هي في حد ذاتها معجزة. كلمات بليغة، عبارات رصينة، حجج دامغة و تعبير قوي… تركت نفسي لها واستمعت إليها بكل كياني و عندما بلغت خطبتها الكلمات التي بدأت بها هذا الفصل لم أتمالك نفسي و زاد انهمار دموعي. و تعجبت من هذه الكلمات القوية الموجهة إلى خليفة رسول الله (صلّى الله عليه و آله وسلم) و مما زاد في حيرتي أنها من إبنة رسول الله فماذا حدث؟

ولماذا.. وكيف؟!! و مع من كان الحق و قبل كل هذا هل هذا الإختلاف حدث حقيقة؟ وفي الواقع لم أكن أعلم صدق هذه الخطبة ولكن اهتزت مشاعري حينها و قررت الخوض في غمار البحث بجدية مع أول دمعة نزلت من آماقي.. و في هذا المنحى لا أريد أن أسمع من أحد، فقط أريد خيط البداية أو بداية الخيط لأنطلق، و لم تكن الخطبة مقصورة على ما ذكرته من فقرات بل هي طويلة جدا و فيها الكثير من الأمور التي تشحذ الهمة لمعرفة تفاصيل ما جرى و ظروفه الموضوعية المحيطة به.

إنتهى الشريط، كفكفت دموعي محاولا إخفاءها حتى لا يحسّ بها ابن عمي، لا أدري لماذا؟ ربما اعتزازا بالنفس، ولكن هول المفاجأة جعلني أنهمر عليه بمجموعة من الأسئلة و ما أردت جوابا، إنما هي محاولة للتنفيس وكان آخر أسئلتي إذا كان ما جاء في بعض مقاطع الخطبة صحيحا فهل كل ذلك من أجل فدك قطعة الأرض؟!

أجابني: عليك أولا أن تعرف من هي فاطمة ثم تبدأ البحث بنفسك حتى لا أفرض عليك قناعتي و أول مصدر تجد فيه بداية الخيط صحيح البخاري (1)، و ناولني الكتاب فكانت المفاجأة التي لم أتوقعها.

( مأخوذ من کتاب “بنور فاطمة عليها السلام إهتديت” ، تأليف: عبد المنعم حسن السوداني)

يعزّی موقع الرشد جميع المسلمين و خاصة أنت صديقنا الحميم،

3 من جمادي الثاني، ذکری إستشهاد

نور الحقیقة و روح الطهارة، بضعة رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)،

السيدة فاطمة الزهراء (سلام الله علیها).

ینبغی لنا فی ذکری السنویة لاستشهاد تلك السیدة الجلیلة، التعرف علی مقتطفات مختلفة من حیاتها أکثر فأکثر علی قدر استطاعتنا. لهذا ندعوك ایها الصدیق العزیز أن تطالع مقالة “حیاة فاطمة الزهراء (سلام الله علیها)”  الموجودة علی الموقع، للتعرف علی شتی المقاطع من حیاة تلک الصدیقة الشهیدة ( علیها السلام). للمطالعة انقر هنا.

الهامش

1- یعتبر صحیح البخاري من أهم الکتب بعد القرآن الکریم عند السنة من ناحية الإعتبار و هو أفضل الصحاح الستة بینهم.