“كتب بريحة العباسي صاحب الصلاة بالحرمين الى المتوكل: ان كان لك في الحرمين حاجة فأخرج علي بن محمد (الإم الهادی (علیه السلام)) منهما فانّه قد دعا الى نفسه و اتبعه خلق كثير.
و تابع بريحة الكتب في هذا المعنى، فوجّه المتوكل بيحيى بن هرثمة و كتب معه الى أبي الحسن (عليه السّلام) كتابا جميلا يعرفه انّه قد اشتقاقه و يسأله القدوم عليه و أمر يحيى بالمسير معه كما يجب و كتب الى بريحة يعرفه ذلك.
فقدم يحيى بن هرثمة المدينة فأوصل الكتاب الى بريحة و ركبا جميعا الى أبي الحسن (عليه السّلام) فأوصلا إليه كتاب المتوكل فاستأجلهما ثلاثا. فلما كان بعد ثلاث عاد الى داره فوجد الدواب مسرجة و الأثقال مشدودة قد فرغ منها. و خرج (صلّى اللّه عليه) متوجها نحو العراق و اتبعه بريحة مشيعا، فلما صار في بعض الطريق قال له بريحة قد علمت وقوفك على اني كنت السبب في حملك، و علي حلف بأيمان مغلظة لئن شكوتني الى أمير المؤمنين او الى أحد من خاصته و ابنائه لأجمرن نخلك و لأقتلن مواليك و لأعورن عيون ضيعتك و لأفعلن و لأصنعن.
فالتفت إليه أبو الحسن فقال له: ان أقرب عرضي اياك على البارحة و ما كنت لأعرضنك عليه ثم لأشكونك الى غيره من خلقه.
قال: فانكب عليه بريحة و ضرع إليه و استعفاه.
فقال له: قد عفوت عنك”، و استمرّ طریقه …
و هکذا مع أن بریحة کان یظلم الإمام (عليه السلام) ظلما و یسبب النفی و بُعده من أهل بیته (و هذا هو النفی الذی انتهی بشهادة الإمام (عليه السلام)) عفی الإمام عنه و قابل جسارته بالوقار و المتانة. و یمکن هذا أن یکون مصداقا لقول الله تعالی: “خذ العفو وأمر بالعرف و أعرض عن الجاهلين” (1).
(مأخوذ من اثبات الوصیه، تألیف علی بن حسین المسعودی (مع بعض التغییر و الإضافات))
بمناسبة حلول یوم ثالث من شهر رجب،
يعزي موقع الرشد تمام المسلمين و بالأخص أصدقاء الموقع الأعزاء،
في ذكرى شهادة قدوة العفو و الکرامة و إمام الهدایة،
الإمام علی بن محمد الهادی (علیه السلام).
هوامش:
1- سوره اعراف، آيه 199.