لقد كان من طبع الإمام المجتبى (عليه السلام) أنه لم يرد محتاجاً خالي اليدين و ميؤوساً. لقد أثار إعجاب الناس بكرمه لدرجة أنه في مرة واحدة قام بالتصدق بمبلغ كبير؛ و السبب لهذا الفعل أنه أراد رفع الحاجة عن الفرد المحتاج دوماً و الى آخر عمره، و لم يرضى أن تكون قضاء الحاجة ليومٍ واحد فقط، خشية أن يمد يده للآخرين مجدداً.
حضر في أحد الأيام شخص الى خدمة الإمام المجتبى (عليه السلام) و سأله: “فما الكرم؟ قال الإبتداء بالعطية قبل المسألة و إطعام الطعام في المحل.”(1)
كم هو عظيم على الإنسان أن يكون لديه نظرة بعيدة طبقاً لقول الإمام الحسن (عليه السلام) بأن يبدأ بالعطاء قبل المسألة. إن الله تعالى يبارك الذين يقومون بحل المشاكل المالية للناس.(2) إن الله يهب هؤلاء الجاه و السمعة الدنيوية و يستجیب لحاجاتهم. لذا كم هو جميل أن نبدأ بالإحسان و نستمع لحاجات أرحامنا و أصدقائنا قبل أن يبدؤوا بطلب حاجاتهم.
إن القسم الثاني للكرامة هي حل إطعام الناس فی القحط و المشاکل. جميعا نعرف أناس يواجهون الصعوبة في قضاء حاجاتهم الغذائية. يجب علينا أن نتذكرهم في شهر رمضان المبارك على أساس الصداقة و العاطفة الإنسانية. إن كانوا من الأقرباء، فنهدي لهم بكل احترام من المواد الغذائية بقدر استطاعتنا لصلة الرحم. إن السعي لهذا العمل عن طريق الشباب جدير بالثناء. كم هو جميل أن يبرز الشباب هذه الكرامات لكي يكتشفوا خيرات هذا العمل الجليل.
في مقابل الشخص الكريم يوجد الشخص اللئيم و البخيل و قد جاء في الأحاديث النهي الشديد من صداقة هؤلاء الأفراد و الاستعانة بهم. لقد سأل الإمام الحسن (عليه السلام): ما هي اللؤم؟ قال الإمام: “قلة الندی و أن ينطق بالخناء”.(3)
إن كلمة الندى في هذه الرواية تعني كف اليد. إن كف الشخص اللئيم صغير كناية عن بخله و عدم كرمه. إن اليد الصغير يكتفي فقط بإعطاء طعام مختصر، و لكن اليد الكبير يقوم بالعمل الأساسي و يفتح عقدة من جريان حياة الطرف الآخر.
إن الله يبارك من يكون يده رحيماً و كريماً. إن مدى مقدار كرمنا يتحدد نسبة محدودية عناية الله تعالى لنا. لا تهم الكمية و إنما المهم هي الكيفية. إن الإنسان اللئيم و الخائب حتى مع كون يده قصيراً في الكرم، و كذلك له لسانٌ فاحش و لا يسلم أحد من لسانه.
كم هو جميل أن نسير بالاستفادة من هذا المثال الذي هو عنوانٌ للكرم و بممارسة الترحم طبقاً لوصية هذا القدوة المظلوم في طريق الوصول للأخلاق الرفيعة و بعد النظر.
(مأخوذ من کتاب “حُسن الحَسن” التأليف: السید حسین الحسیني (مع التلخیص و الإضافات))
يبارك ويهنئ موقع الرشد جميع المسلمين و بالأخص أصدقاء الموقع الأعزاء
ذكرى ولادة كريم أهل البيت، ثاني أئمة الشيعة،
الإمام الحسن المجتبی (علیه السلام).
الهوامش:
1- تحف العقول عن آل الرسول (صلی الله عليه و آله و سلم)، الصفحة 225
2- يمكن الإشارة في هذه النقطة الى الآية 261 من سورة البقرة: “مثل الَّذين ينفقون أَموالهم في سبيل اللَّه كمثل حبَّة أَنبتت سبع سنابل في كلّ سنبلة مائة حبَّة واللَّه يضاعف لمن يشاء واللَّه واسع عليم.”
3- تحف العقول عن آل الرسول (صلی الله عليه و آله و سلم)، الصفحة 225