في سيرة أهل البيت (عليهم السلام) ، يتضح أن توجههم تركز على التهذيب الفكري و تزکیة المسلمين لكي ينشأ أتباع المذهب كشيعة حقيقيين، وصولًا إلى هذا الهدف، سعى أهل بيت النبوة (عليهم السلام) نحو تعليم الأحكام و المعارف بصورة كاملة و هم قائلون بأن الایمان لا یکون صادقاً الا باتباع الأوامر الإلهية.
في منطق أهل البيت (عليهم السلام)، لا یمکن أن یحسب الانسان نفسه من الشیعة الا من کان يطيع الله و يجتنب هوى النفس و يكون على علمٍ بتعاليمهم و ان ولايتهم و مودتهم لایکون سبباً للنجاة إلا أن یکون مقرونا بالتقوی و الأعمال الصالحة الحسنة و ینبغی للشيعة أن یزین عمله بالصدق و الصلاح و الورع. فبناءاً علی هذا فإن اتباع الحقيقي للأئمة المعصومين (عليهم السلام) لا يرون محبة أهل البيت (عليهم السلام) كافية للنجاة فحسب، و لایجعل محبة أهل البيت (عليهم السلام) مبرراً عند الله لاتباع الشهوات و ارتكاب المعاصي.
و وفق الشرائط الاجتماعية كواحدة من أعلى سمات الأئمة المعصومين (عليهم السلام)، فقد كان للإمام الصادق (عليه السلام) موقعاً أنسب لبيان معارف الدين، ومن هذا الجانب، فقد سعى الإمام كثيراً من أجل تربية الشيعة و بيان ملاك الإيمان الحقيقي، و حريُ بنا أن نشير إلى بعض وصايا الإمام الصادق (عليه السلام) في هذا الخصوص:
“إنما أصحابي من اشتد ورعه وعمل لخالقه ورجا ثوابه”(1).
“اتقوا الله، وأَحسنوا الركوع والسجود، وكونوا أَطوع عباد الله، فإِنكم لن تنالوا ولايتنا إِلا بالورع، ولن تنالوا ما عند الله تعالى إلا بالعمل”(2).
“إنا لا نعد الرجل مؤمًنا حتى يكون لجميع أَمرنا متبعًا مريدًا.. أَلا وإن من اتباع أَمرنا وإرادته الورع فتزينوا به يرحمكم الله”(3).
“فإنما شيعة علي من عف بطنه وفرجه واشتد جهاده وعمل لخالقه ورجا ثوابه وخاف عقابه، فإذا رأيت أُولئك فأُولئك شيعة جعفر”(4).
مسك الختام.. يمكننا القول إن الوحيدين الذين يستطيعون الادعاء «بأنهم شيعی» هم من كان عملهم يأتي بالامتثال لأهل البيت (عليهم السلام) أجمعين في جميع الأمور، و بمعنى آخر، فإن معيار تشخيص الشيعي الحقيقي هو ميزان التقوى و الورع و طاعة الأولياء في الأوامر الإلهية.
«مأخوذ من کتاب (بحث في المعارف الإمامیة)، تأليف: “علي رضا مسجد جامعي” (مع بعض التغییرات و الإضافات)»
بمناسبة حلول 17 ربيع الأول
يبارك ويهنئ موقع الرشد تمام المسلمين وبالأخص أصدقاء الموقع الأعزاء
ذكرى ولادة كنز دار العلوم ومؤسس المذهب الجعفري
سادس أئمة الشيعة
الإمام جعفر بن محمد الصادق (علیهم السلام).
الهوامش:
1. أصول الکافي، المجلد 2، الصفحة 77.
2. الأمالي للطوسي، الصفحة 679، الحدیث 1441.
3. أصول الکافي، المجلد 2، الصفحة 78.
4. أصول الکافي، المجلد 2، الصفحة 233.