“الزهد الأنیق”

کان الامام السجاد (علیه السلام) یقول:” أن الحسن بن علي بن أبي طالب (علیهم السلام) كان أعبد الناس في زمانه و أزهدهم و أفضلهم و كان إذا حج حج ماشيا و ربما مشى حافيا و كان إذا ذكر الموت بكى و إذا ذكر القبر بكى و إذا ذكر البعث و النشور بكى و إذا ذكر الممر على الصراط بكى و إذا ذكر العرض على الله تعالى ذكره شهق شهقة يغشى عليه منها و كان إذا قام في صلاته ترتعد فرائصه بين يدي ربه عز و جل و كان إذا ذكر الجنة و النار اضطرب اضطراب السليم و يسأل الله الجنة و يعوذ به من النار.

و كان (علیه السلام) لا يقرأ من كتاب الله عز و جل “يا أَيّها الَّذين آمنوا” إلا قال: “لبيك اللهم لبيك”.

و لم ير في شي‏ء من أحواله إلا ذكر لله سبحانه و كان أصدق الناس لهجة و أفصحهم منطقا…”

كان الحسن بن علي (علیه السلام) إذا قام إلى الصلاة لبس أجود ثيابه، فقيل له يا ابن رسول الله لم تلبس أجود ثيابك فقال إن الله تعالى جميل يحب الجمال فأتجمل لربي، و هو يقول “خذوا زينتكم عند كلّ مسجد” فأحب أن ألبس أجود ثيابي “(4)

مع أن الامام الحسن (علیه السلام) کان زاهدا، کا ن أنیقا و خافض الجناح.

اغتسل الحسن (علیه السلام) و خرج من داره في بعض الأيام و عليه حلة فاخرة و وفرة ظاهرة و محاسن سافرة، فعرض له في طريقه شخص من محاويج اليهود و عليه مسح من جلود، قد أنهكته العلة، و ركبته القلة و الذلة، و شمس الظهيرة قد شوت شواه و هو حامل جرة ماء على قفاه. فاستوقف الحسن (علیه السلام) عنه و قال: “يا ابن رسول اللّه! سؤال”. قال: “ما هو؟” قال: “جدك يقول: “الدنيا سجن المؤمن و جنة الكافر” و أنت مؤمن و أنا كافر. فما أرى الدنيا إلّا جنة لك تتنعم بها، و ما أراها إلّا سجنا علي قد أهلكني ضرها و أجهدني فقرها”.

فلما سمع الحسن كلامه قال له: “يا هذا، لو نظرت إلى ما أعد اللّه لي في الآخرة لعلمت أني في هذه الحالة بالنسبة إلى تلك في سجن. و لو نظرت إلى ما أعد اللّه لك في الآخرة من العذاب الأليم لرأيت أنك الآن في جنة واسعة.”(5)

(مأخوذ من كتاب”نظرة إلی حیاة الامام الحسن (علیه السلام)”،‌تاليف: “حجة الاسلام محمد المحمدي الاشتهاردي”)

بمناسبة حلول 28 من شهر صفر،

يعزي موقع الرشد المسلمين و بخصوص أصدقاء الموقع الأعزاء،

ذكرى شهادة أسوة الزهد و مظهر العبودیة،

ثاني أئمة الشيعة

الإمام الحسن بن علي المجتبی (علیه السلام).

الهوامش:

1- جاء هذه العبارة اکثر من اربعین مرة فی القرآن.

2- الامالی الشیخ الصدوق، الصفحة 178-179

3- “یا بنی آدم خذوا زینتکم عند کل مسجد …” (سورة الاعراف، الآیة 131)

4- تفسیر العیاشی، المجلد 2، الصفحة 14

5- اقتباس من الکتاب الفصول المهمه، الصفحة 138