« الحياة الأمثل »

إن رؤيتنا هي التي تُعرّف حياتنا و تُقيّم  قَدرنا و قيمة أنفسنا. و لعلّه قليلاً ما نفكّر في هذه القيم. إنّنا كيف نرى الحياة؟ هل نرى الحياة من نافذة ضيّقة و محدودة أو من نافذة وسيعة؟ ما هي مکانة التی يحتلّ الآخرون في حياتنا؟ هل التفتنا الى هذا الموضوع لحدّ الآن ؟

توجدفي مذهبنا مواضيع و مسائل اجتماعية كثيرة و ظريفة حتى اذا قليلاً ما اطّلعنا عليها ، و توجد فيه نقاط أخلاقية دقيقة و وفيرة في تراث أهل البيت (عليهم السلام) يبيّن فيها كل مصاعب و متاعب فی الحياة. يبيّن لنا مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) کيفيّة رؤيتنا و نظرتنا إلی الناس و کيفية تعامل معهم كما يبيّن لنا كيفية ترابطنا مع الباري عز و جل. تُری هل تسائلنا الى هذا اليوم كيف ينظر أئمتنا (عليهم السلام) الى الحياة و كيف يصفون الحياة الامثل؟ نعم فقد تسائل فرداً في ذات يوم و أراد أن يعرف كيف ينظر الإمام المجتبى (عليه السلام) الى الحياة. و قد سأل الإمام نفس هذا السؤال…

فسأل الإمام المجتبى (عليه السلام): من أحسن الناس عيشاً؟ قال (عليه السلام): “من أشرك الناس في عيشه.”، ثم سأل: من أشر الناس عيشاً؟ قال (عليه السلام): “من لا يعيش في عيشه أحد”(1)

فقد كانت سيرة أئمتنا أنّهم علّموا أبنائهم و اشياعهم بأن يتشاركوا الناس في حياتهم و يساعدوهم.

فإذا دقّقنا في كلام الإمام المجتبى (عليه السلام)، نرى أنّ الإمام يوجّه الكلام الى “الناس” و لا يختصّ فقط المؤمنين و الشيعة و عامة المسلمين. فيتبيّن لنا من هنا أن التعاون و المساعدة يتعلق بالناس و لا يشترط ذلك على التديّن و الإسلام و الإيمان، حتّى و لو كان مساعدة و نصرة أخيك المؤمن المحبّ لأهل البيت (عليه السلام) لها مكانة خاصة.

و لكن كيف يمكننا أن نشارك الناس في حياتنا؟ إنّ في الواقع الأمر تختلف مشاركة الناس في الحيات من شخص ٍ إلی شخص آخر. فمثلاً إنّ الطبيب الذي يعالج المرضى يساهم بعلمه و قدرته في علاج المرضى؛ و إنّ الفرد الذي يمتلك رأس مالٍ و ثروة يشارك الناس بماله، و أيضاً إنّ الفرد الذي يمتلك منزلة إجتماعيتاً مميّزتاً يساعد الناس في حل مشاکلهم ، و إنّ الفرد الذي يمتلك العلم و العلوم يخدم الناس بعلمه. و حتّی يمكن لفردٍ أن يرشد الآخرين الى اهدافٍ عالية فقط بإعطاء الآراء و المشاورة. كل هذه مصاديق مشاركة الناس في حياتنا. إنّ مشاركة الناس حياتهم في حياتنا هي الطريق الذي مشى عليه أئمّتنا و قدوتنا (عليهم السلام). لذا إنّ التعبير الذي استفاد  الإمام المجتبى (عليه السلام) في هذه الروايات لمساعدة الناس هو “المشاركة” الذي هو في قمّة المودّة ، و و يبيّن الله سبحانه و تعالى و الأئمة الأطهار (عليهم السلام) انّ كل ما عند الناس هو من عند الله و يجب مشاركة الناس فيه.

هذه الرؤية و المنطق تعتبر أشقی الناس من لا شريک له و لا يشارک الآخرين في امکانيّاته و رفاهيّاته فی الحياة.

و الآن فقد بقينا أنا و أنت و سؤال واحد؛ في أي فريق نحن نقع و كيف نعيش؟

« مأخوذ من كتاب “حُسن الحَسن”، تأليف: السيد حسين الحسيني (مع بعض الإضافات)»

15 رمضان، يبارك و يهنئ موقع الرشد مسلمي العالم

ذكرى ميلاد

مظهر حُسن العترة و كريم أهل بيت العصمة (عليهم السلام)

الإمام الحسن المجتبی (عليه السلام).

…………………………………………

الهامش:

1- تأریخ الیعقوبی، مجلّد 2، صفحتين 227- 226