التصالح لنهضة أخری

بعد استشهاد امیرالمؤمنین، بایع الشیعه مع حسن بن علی عليهما السلام في الکوفه  و هو خرج بجیش أعدّه أبوه في الأیام الأخيرة من عمره لکی يقوم بحرب مع معاویه. قدّم الإمام المجتبی عليه السلام قیس بن عباده مع إثني عشر الف جندی ثم انطلق حضرته إلی المدائن و من جهة أخری نزل معاویه و جیشه في منطقه قریب من موصل.

في أحد من الأيام نادی شخص في جیش الإمام عليه السلام بأنّ “قیس بن عباده قد قُتل، اهربوا…” نشب الخلاف في الناس و همّت جماعة بنهب الخیمه الإمام عليه السلام إلی حد سرقوا سجادته من تحت رجلية و جرح احدهم ورک الإمام بخنجر. إذن حصل الیقین بأنّ قتال معاویه و جیشه المنتظم و المطیع أمر عبث بمعاضدة هذه الجنود الفشلة. (1)

واجه الإمام علیه السلام بعد استشهاد أبيه مجتمعاً مرتبکاً و دون قوام. المجتمع الذی شهد الحروب المتواصلة کجمل و صفين و نهروان. و من جانب آخر بقیت العاصمة الإسلامیة (مکة و مدینة) خالیاً من مرشد کبیر منذ الأعوام. رسبت مئات من الخداع و الشبهات في الأمّة الاسلامیة و استحالت بلدان الإسلامیة کلها من حیث التربیة الإسلامیة. ما کان للمجتمع الإسلامي مستقبلاً متفائلاً تلک الأیام لکی یستطیع الإمام علیه السلام یستخدم قدرات الشعب بناء علیها و یُنهض شرائح الناس بإفتاء حاسم و يقضی علی الحکومة الغاصبة. إذن لو قدّم الإمام نفسه للإستشهاد لاینتج دمه المطهر نتیجة المنشودة.

فضلا عن ذلک، بشهادة قرائن التاریخیة لو قام الإمام مع جیشه الناکث العهد و فاتر الإرادة لایُقتل کبطل شهید بل وقعوا بأیدیه. أراد معاویه أن یعوّض عار عشیرته – و هم قد اصبحوا أسری لجنود الاسلام قبل سنوات – باعتقال أحد من کبار آل محمد صلی الله عليه و آله و سلّم. إذن لا یُقتل الإمام کبطل شهید کقضیه عاشوراء بل سیصبح أسیراً و في النهایة يقتل بشکل مجهول. و هذه من الخسائر الکبری التی کانت تتعرضها جبهة الحق في تلک الأیام.

فضلاً عن ذلک لو قام الإمام ما أمکنه أن یستخدم الأرضیات التي تنبعث منها انتفاضته الشیعیة العریقة. إذن نقول في تفسیر سلوک الإمام الحسن بناءاً علی الفقه السیاسية هکذا: کان من الواجب أن یمهَّل معاویه. أجل لابد أن یبیّن معاویه کنهه و کنه حکومته الحقیقية للعامّة کما کان یطّلع الخواص علیه، أن یسبّ علیّاً، أن یرفض سنن الإسلامیة، أن یصلّی صلاة الجمعة في الأربعاء، أن یقتل الأحرار لذکرهم العليّ علیه السلام و…

بالتالي إمتنع الإمام عن نهضة الثانیه و أقبل علی صقل المواهب الکامنة و بدأ ینشر مدرسه الثورة عبر سبیله الاجتماعی الذی کان اکثر امناً(2) و أسس ارضیات لإنتفاضة عاشورا في جذور المجتمع الاسلامي. کان تطرد هذه الحرکة، الفتور تلقائیا و تجمع القوات و تبیّن للشیعه خسائر المسفرة عن التفرقه. حتی لولا یستشهد الجمیع کشهداء عاشورا، علی الاقل یبقی في موضع الإستشهاد. حتی یظهر التوابین، حتی یقوم زید بن علی علیه السلام، حتی ینهض یحیی بن زید و یوصّل الملحمة الدامیة إلی سرخس و بلخ و بیهق و جوزجان. حتی يقوم شهداء الفخ و… حتی یبقی هذا المصباح الدامی للأبد. مشعل الملحمة الخالدة.

(مقتبس من کتاب “الإمام في عینیة المجتمع” من محمدرضا حکیمی مع بعض التصرف)

نهنئی موقع الرشد 15 رمضان المبارک ذکری مولد کریم آل البیت علیهم السلام و سبط الاکبر و

سید شباب الجنه الإمام حسن علیه السلام إلی المسلمي العالم أجمعین.

الهوامش:

1- قارنوها مع اصحاب الحسین علیه السلام الذین کانوا یقولون: “و لو علمت أني أقتل فيک ثم أحيی ثم أخرج حياً ثم آذری _ يفعل بي ذلک سبعين مرة _ ما فارقتک حتی ألقی حمامي دونک، و کيف و إنما هي قتلة واحدة ثم أنال الکرامة التي لا انقضاء لها ابداً.

2- قد قال کبار السیاسه وعلماء علم الاجتماع: في أنشطة الإجتماعیه لابد للسیّر من أبعد الطرق لانّه أکثر أمنا.

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *