بسم الله الرحمن الرحيم
«التشيّع و تأريخه»
لو کنّا نرید أن نعرف الشیعة علی حقیقتها، کان علینا أولاً أن نعرف الإسلام جیداً. ثم علی ذلک الأساس تتبیّن لنا حقیقة التشیّع.
الإسلام هو الإیمان بألوهیة و وحدانیة و ربوبیة الله سبحانه و تعالی و الإیمان بجمیع الرسل إلی خاتمهم (النبي، محمّد بن عبدالله (صلّی الله عليه و آله و سلّم)) و الإیمان بأحکام الإسلام (الناتجة عن السنة النبویة) و الإیمان و التصدیق بالقرآن (الکتاب السماوي للمسلمین) و کذلک الإعتقاد بالمعاد و الحساب و الثواب و العقاب في یوم القیامة. و التشیّع هو الإعتقاد بأنّ مصدر الأحکام بعد النبي (صلّی الله عليه و آله و سلّم) هم أهل بیته (علیهم السلام)، و الشیعي هو الذي یطیع المعصومین (النبي (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و آله (علِهم السلام)) قولاً و عملاً و في جمیع الأمور. و أنّه بناءاً علی هدایة عقله و فطرته الإلهیة یحذو حذوهم.
و لو تأمّلنا في قاموس الشیعة و إعتقاداتها، لوجدنا أنّ الشیعي الحقیقي هو الذي یتّبع في کل الأمور النبي (صلّی الله علیه و آله و سلّم)، ثم أمیرالمؤمنین علي (علیه السلام) و سائر الأئمة ألذین هم حقاً نور واحد و هم أتباع النبي الحقیقیون و هم کذاته المقدّسة معصومون عن أيّ خطأ و زلل.
التشیّع في معناه اللغوي یعني الإتّباع و بما أنّ علیّاً (علیه السلام) إمام و قدوة للشیعة بعد النبي (صلّی الله علیه و آله و سلّم)؛ فلذا تُنسب هذه المجموعة لذلک الإمام (علیه السلام) و تُعرف في کل العالم بشیعة علي، أي متّبعي علي (علیه السلام).
و لکن من أین أتت هذه الفکرة و في أيّ صفحة من التاریخ وجدت أول بصماتها؟
من الناحیة الدینیة فانّ النبي (صلّی الله علیه و آله و سلّم) کان قد دعی الناس في مواقف مختلفة إبتداءاً من یوم الإنذار ألذي دعا فیه عشیرته الأقربین للإسلام و إنتهاءاً بیوم الغدیر و إعلان ولایة أمیرالمؤمنین علي بن أبیطالب(علیه السلام) مراراً و کراراً للرجوع إلی أهل البیت (علیهم السلام) و قبول ولایتهم و خلافتهم بعده بناءاً علی أمر من الله سبحانه و تعالی. و حسب قول أهل السنة فانّ أول من إستخدم کلمة الشیعة، کان الرسول (صلّی الله علیه و آله و سلّم) نفسه حیث إستخدمها في مواقف عدّة للإشارة إلی متّبعي علي (علیه السلام) نذکر بعضاً منها هنا: (1)
1- جابر بن عبدالله الأنصاري من صحابة الرسول (صلّی الله و علیه و آله و سلّم) یقول:
كنا عند النبي (صلّی الله عليه و آله و سلّم) فأقبل علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال النبي (صلّی الله عليه و آله و سلّم) قد أتاكم أخي، ثم التفت إلى الكعبة فضربها بيده، ثم قال و الذي نفسي بيده، إنّ هذا و شيعته لهم الفائزون يوم القيامة، فنزلت الاية السابعة من السورة البينة.(2)
2- عن أمّ سلمة (زوجة النبي (صلّی الله علیه و آله و سلّم)) عن النبي (صلّی الله علیه و آله و سلّم) قال:
أبشر يا علي أنت و أصحابك في الجنة أبشر يا علي أنت و شيعتك في الجنة (3)
فأنصفونا في الذین یعتبرون أنّ الشیعة تطلق علی متّبعي أمیرالمؤمنین علي (علیه السلام) في زمن عثمان (الخلیفة الثالث عند أهل السنة) أو الذین يعتقدون أنّها من صنع الفرس (الإیرانیین).
و بناءاً علی ما مضی في هذا المقال و الروایة المنتسبة للرسول الأکرم (صلّی الله علیه و آله و سلّم) حیث قال:
لتفترقنّ أمتی علی ثلاث و سبعين فرقة، واحدة في الجنة و اثنتان و سبعون في النار.(4)
و هذه الرواية إجتمعت الأمة على تلقيها بالقبول.
فأنّ النبي (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و في حیاته کان علی علمٍ باختلاف الأمّة بعده و کان یسعی في تبیین الصراط المستقیم و الطریق الصحیح لأهل الحقیقة و الواقعیة علی مرّ القرون و العصور المتأمّلین في سیرته و سنّة الشریفة کي یستطیعوا التمسّک بالحبل المتین و یسلکوا الصراط المستقیم.
إنّ زمرة من الحاقدین أو المغفّلین، یعتقدون بأنّ التشیّع کان من إختلاقات عبدالله بن سبأ الیهودي. ولکن إتّضح لنا و حسب الدلائل المذکورة بأنّ التشیّع تأسّس علی ید الرسول (صلّی الله علیه و آله و سلّم) بأمر من الله عز و جل و بنصّ القرآن (لا ینطق عن الهوی).
و للردّ علی تلک الزمرة نقول : إن کان التشیّع إختلاقاً لهذا الرجل (عبدالله بن سبأ)، فلماذا لا یُذکر بخیرٍ عند أهل الشیعة و أنّه و في بعض الکتب الروائیة الشیعیة ذُکر بأنّ علیه غضب الله و لعنته و أنّ بعض العلماء الشیعة أثبتوا و بالبراهین القاطعة عدم وجود هذه الشخصیّة و إفتعالها.
نحن الشیعة ندعوا الله دوماً و ابداً بأن یهدینا إلی الحقّ و أن یقینا من التشدد و العصبیة و أن یجعل سراج العقل لنا مناراً للطریق.
والسلام علی من اتّبع الهدی