إن مسألة الأخلاق من المسائل المهمة التي كتب حولها علماء المسلمين و غير المسلمين و قاموا ببوحوثٍ عديدة. يختص قسم من الأخلاق حول موضوع مكارم الأخلاق بما فيه منخصائص لخصال بارزة و مميزة في نظر الأخلاق؛ لأن بعض الأعمال و الأخلاقيات لدى الناس تبدو طبيعية عند عموم الناس؛ كمن يُحسن إليك و في المقابل ترد له الإحسان، إن هذا الأمر طبيعي جداً. و أمّا اذا استطاع شخص أن يتحكّم بنفسه و يتسلّط على غضبه عندما يُظلم و يقوم بالمقابل بالإحسان فإن هذا العمل الأخلاقي راقي و مميّز و لا يستطيع أي شخص أن يقوم بها.
في حديثٍ عن النبي الأكرم (صلى الله عليه و آله وسلم) يفسّر مكارم الأخلاق بهذا الشكل: “یا علي ثلاث من مکـارم الاخلاق: تعطي من حرمـك، و تصـل من قطعـك و تعفو عمن ظلمـك.”(1)(2)
إن حياة الأئمة المعصومين (عليهم السلام) مليئة بمكارم الأخلاق. مثالٌ على هذا منقول من حياة الإمام الحسن (عليه السلام):بينما كان الحسن (علیه السلام) بن علي جالسا عند باب داره في الكوفة، إذ جاء أعرابي فسبه وسب أباه وأمه، فأمر الحسن (علیه السلام) عبده أن يأتي بكيس من الفضة، ثم أعطاه للرجل قائلا:عفوا أيها الأعرابي، فليس لدي غيره، ولو كان لدي المزيد لأعطينك، وعندما سمع الأعرابي منه هذا القول صاح: أشهد أنك ابن بنت النبي (صلى الله عليه وسلم) فقد جئتك أختبر حلمك.(3)
من أجل الوصول لمثل هذه المراتب من مكارم الأخلاق يتطلب سعة الصدر و روحية عالية، و بذلك يجب أن نقتدي بالأئمة المعصومين (عليهم السلام) في هذا المجال، و أيضاً ندعوا لله التعالى أن يمدنا يد العون في الوصول لتلك المراتب العالية.
(مأخوذ من کتاب “حياة الإمام الحسن المجتبی علیه السلام” تأليف السید هاشم الرسولي المحلاتي (مع التغییرات و الإضافات))
بمناسبة حلول السابع من شهر صفر،
يعزي موقع الرشد تمام المسلمين و بالأخص أصدقاء الموقع الأعزاء،
ذكرى شهادة أسوة الأخلاق، ثاني أئمة الشيعة،
الإمام الحسن بن علي المجتبی (علیه السلام).
الهوامش:
1- تحف العقول ، الصفحة 7.
2- يمكن البحث حول مصاديق مکارم الأخلاق في کلمات الأئمة الأطهار (عليهم السلام) النورانية. على سبيل المثال لقد جاء في دعاء مکارم الأخلاق عن الإمام السجاد (علیه السلام): “اللّهمّ صلّ على محمّد و آله ، و سدّدنی لأَن أعارِض من غشّنی بالنّصح ، و أَجزی من هجرنی بالبرّ ، و أثیب من حرَمنی بالبذل ، و أکافی من قطعنی بالصّلة ، و أخالف من اغتابنی إِلى حسن الذّکر ، و أَن أشکر الحسنة ، و أغضی عن السّیّئة” .
3- ملحقات احقاق الحق، المجلد 19، الصفحة 321.