يدرك جميع الناس منزلة فاطمة (عليها السلام) الخاصة لدى النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقد سمعوا مراراً عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول:
“فاطمة بضْعةٌ منّي منْ آْذاها فقدْ آذاني.”(1)
وقد بيّن القرآن الكريم بكل صراحة مصير الذين يؤذون الله و رسوله:
“إنّ الّذين يؤْذون اللّه ورسوله لعنهم اللّه في الدّ نْيا والآخرة وأعدّ لهمْ عذابًا مّهينًا.”(2)
عندما حدّث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بهذا الحديث تعجّب الناس من حديثه حيث تسائلوا كيف يمكن لأي أحد أن يؤذي فاطمة (عليها السلام). إن حديث النبي كان خبراً غيبياً، حيث أخبر بأن من بعده سوف تتأذى فاطمة (عليها السلام)، و قد نبّه الناس أنه إذا أتى يوماً وقفت فاطمة (عليها السلام) بما لها من حرمة عندي و عند الله، بمقابل أناس أظهرت غضبها، فاعلموا ان الله و رسوله قد لعنهم و أنهم ليسوا مؤهلين لحكومة الناس.
و لذا بعد رحلة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)، عندما رأت فاطمة (عليها السلام) ان الظالمين قد ضربوا بجذور الدين و بدؤوا بزرع جذور بدع كبيرة في عالم الإسلام، قد بدّلوا مسئلة خلافة و وصاية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي كان انتخابٌ إلهي نقله عن طريق النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) بانتخابٍ سياسي، و من أجل الوصول لمقاصدهم لم يتجنبوا عن أي ظلم الى درجة انهم ليسوا فقط لم يحافظوا على حرمة أهل البيت )عليهم السلام(، بل اغتصبوا حق فاطمة (عليها السلام) في أرض فدك الذي كان أرثها من النبي الأكرم (صلى الله عليه و آله وسلم) من أجل الوصول لمقاصدهم السياسية، فلذا فقد أحست أنه قد حان الأوان لإظهار الغضب و إعلام عدم رضاها عنهم و أن أباها قد حفظها لمثل هذا اليوم لكي تقوم بالدفاع عن حريم الدين والولاية.
و من هذا المنطلق، فقد بيّنت (سلام الله عليها) في مواقع مختلفة عدم رضاها و غضبها من أعمالهم، و من ضمنها عندما مرضت فاطمة (عليها السلام) اجتمع إليها النساء يٓعدنها فقلن لها: “كيف أصبحت من علّتك يا ابنة رسول الله؟ فحمدت الله و صلّت على أبيها ثم قالت: أصبحت والله عائفة لدنياكن، قالية لرجالكن.” وبقلبٍ حزين و جسم ضئيل ذهبت الى المسجد و في جمع عموم المهاجرين و الأنصار سحبت رؤساء الحكومة الى صحن المحاكمة العلنية و ألقت فيهم تلك الخطبة المتعمّقة. و من ضمن الخطبة ألقت خطاب توبيخ للأمة الى الأنصار قائلة:
“یا معْشر الْفتْیة و أعْضاد الْملّة و حضنةً الإسْلام. ما هذه الْغمیزة فی حقّی؟ و السّنة عنْ ظلامتی؟ أما کان رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) أبی یقول: الْمرْء یحْفظ فی ولْده”.(3)
نعم! عندما رأت بضعة النبي بأن مستقبل الإسلام في خطر، فقد بيّنت و أعلنت بكل علانية بكلماتٍ نارية عن غضبها و بما تعرضت من الأذى من البدع و الانحرافات التي أسسها قادة الحكومة في عالم الإسلام و بالأخص في مسألة الخلافة و وصاية النبي الأكرم (صلى الله عليه و آله وسلم). فليكن! سيأتي زمان يتسائل الناس هل يليق لمن آذى النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) و ابنته الوحيدة أن يسند على كرسي خلافة رسول الله (صلى لله عليه و آله وسلم)؟
(مأخوذ من کتاب “زهراء البتول سر الرسول” تأليف “السید محمد ضياء الآبادي”)
بمناسبة حلول الثالث من جمادي الثاني،
يعزي موقع الرشد تمام المسلمين وبالأخص أصدقاء الموقع الأعزاء،
ذكرى شهادة سيدة نساء العالمين، بضعة النبي الأكرم (صلى الله عليه و آله وسلم)
فاطمة الزهراء (عليها السلام).
الهوامش:
1- السنن الكبرى، المجلد 10، باب من قال: لا تجوز شهادة الوالد لولده، الصفحة 201؛ كنز العمّال، المجلد 13، الصفحة 96؛ نور الأبصار، الصفحة 52؛ ينابيع المودّة، المجلد 2، الصفحة 322.
2- سورة الأحزاب، الآية 57.
3- دلائل الإمامة، الصفحة 109.