إن العلاقه بإمام العصر (عجل الله تعالی فرجه الشریف) هو أملٌ لکل مؤمن منتظرٍ مشتاق و فخرٌ عظیم لکل ذی معرفه. أما هذا المتاع الثمین و لأجل قیمته الثمینه یُبتلى بالذین یدّعون الارتباط مع قلب العالم و یتخذون ما یدّعون سبباً للوصول لأمانیهم و أهدافهم الباطله. إن هؤلاء المدّعون – خلافاً للأولیاء الذین یستضیئون من شمس وجود الإمام الغائب – قد قطعوا طریق المؤمنین الساذجین المشتاقین الذین هم عطاشى لسماع خبر أو رویّه أثر من إمامهم الغائب دوما.

على کل منتظرٍ متعقل بعد أن یتعرّف بالطرق الصحیحه للعلاقه مع ولی العصر (علیه السلام) من جانب و معرفه المدّعین الکاذبین من جانبٍ آخر ، أن یحذّر نفسه و المجتمع من الوقع فی وادی الوهم و الخرافه الذی هو من ثمرات الضلال.

إننا نعلم ان الوصول لزیاره إمام العصر (علیه السلام) الذی یفسر عنه بـاللقاء، هی لیس الإدعاء بالبابیه و “السفاره” من قِبله (علیه السلام). إن هذین اللغتین تستعملان للذین هم یدّعون بان لهم علاقه مع إمام العصر (علیه السلام) و أنه وصلت لهم أوامر من قِبل الإمام (علیه السلام).(1) إن لقاء و زیاره الإمام لیس أمر مستحیل دون شک، حیث قد نال بعض الصالحین شرف زیارته فی عصر الغیبه و ایضا ان التمتع بالهدایه الباطنیه من الإمام، أمر لا شک فیه و مقبول و لکن هناک خلاف عمیق بین هذا و إدعاء السفاره و البابیه.

لیس للحلم و الرؤیا و لا الإدعاء بالإرتباط و الحصول على الإرشاد من جانب الإمام (علیه السلام) له قیمه و اعتبار فی تحدید التکلیف العملی فی المجتمع، و السبب أولاً هو ان الأمه الإسلامیه لم تؤمر بإتباع هذه الأوامر، و ثانیاً لا یوجد دلیل قانونی لإثبات صدق الإدعاءات و الرؤیا لتمییز صحیحها من سقیمها ؛ و إلا یجب أن نسلم لأی شخص یأتی من أی مکان بالوظیفه الشرعیه البدیعه و یدّعی الرؤیا أو یحمل أوامراً من الإمام. فی هذه الحاله لا یخفى على أی عاقل ان الدین سوف لم یبق آمنا من التحویل و التبدیل و ان طریق الانتظار لم یقض بسلام للمسلمین المنتظرین.

و على هذا الأساس، مما تحصل من الأحکام العقلیه و الأوامر المنقوله ان مهمه المنتظرین الحقیقیین هی تکذیب مدعی السفاره او من هو قائل بجلب أوامر أو خطابات من الإمام (علیه السلام). (2) فلذا إن تکذیب هؤلاء المدّعین یکون واجب علینا، و أیضاً طبقاً على أساس العقل و حرمه الإعانه لارتکاب المعاصی فإن القیام بأی عمل یجلب لهم العون و القوه هو حرام.

و لکن ما هو واجب المنتظرین الحقیقیین فی هذا السوق المضطرب من المدعین؟ و من أین یمکن الوصول الی ینابیع مکتب أهل البیت (علیهم السلام) الأصیله و الصحیحه؟

إن الأمه الإسلامیه مأموره من أئمه الهدى (علیهم السلام) فی عصر الغیبه الکبرى بطاعه الفقیه الجامع للشرائط و اکتساب الفیوض من الصالحین المتشرّعین و الحکماء المتقین و المتکلمین المتعهدین و المحدثین الخبراء ، للنجاه من الضلال و  التخلص من الحیره. إن هذا الاقتداء و اکتساب الفیوض فی ظل کتاب الله و العتره الطاهره (علیهم السلام) و البراهین العقلیه هو سببٌ للأمه الإسلامیه للحصول على المعارف فی العقیده و الفضائل الأخلاقیه و الأحکام الفقهیه و الحقوقیه و العمل به.

بالإضافه، لنتذّکر ان التشرّف بلقاء الإمام المنتظر (علیه السلام) مباشره و من دون واسطه یتطلّب الإستعداد و فضائل خاصه. إن ما هو ضروری و میسور للجمیع هو إیجاد علاقه روحیه و معنویه مع الإمام(علیه السلام) ، الذی یتحصل فی ضوء رعایه الأدب و الارتباط به(علیه السلام). إن من أحسن الطرق الأخرى لتأمین ارتباط الإنسان مع الإمام (علیه السلام) هی القیام بالمستحبات و الأعمال الصالحه نیابه عنه و إهداء ثوابها الى أرواح أهل البیت الأطهار (علیهم السلام).

لنعمل جمیعاً على أن نصون أنفسنا من الانحرافات و نکون من المنتظرین الحقیقیین لظهور الإمام(علیه السلام) بالإدراک الصحیح لمفهوم الانتظار و العمل بواجبنا فی عصر الغیبه.

 (مأخوذ من کتاب “الإمام المهدی (علیه السلام) الموجود الموعود”، التألیف: “آیه الله الجوادی الآملی”،(مع التلخیص و التصرف))

بمناسبه حلول النصف من شعبان

 یبارک موقع الرشد تمام مسلمی العالم و طالبی العداله

ذکرى ولاده عین الحیاه و مؤلّف القلوب على أساس الرضا و الخیر،

الإمام الحجه بن الحسن العسکری (علیه السلام).

الهوامش:

1- یرجى الرجوع الى: قاموس الفرق الإسلامیه، الصفحه 88

2- نذکر خطاب الإمام المهدی (علیه السلام) فی آخر رساله له لآخر نائبه الخاص حیث قال: “…سیأتی شیعتی من یدعی المشاهده؛ ألا فمن ادعی المشاهده قبل خروج السفیانی و الصیحه فهو کاذب مفتر؛ …” (کمال الدین، المجلد 2، الصفحه 193 – الاحتجاج، المجلد 2، الصفحه 556، مع بعض الإختلاف)