النعمة العظيمة

نحن قد شکونا و غبطنا في الحياة من ما ” لا نمتلک” لمرات عديدة، لکن هل فکّرنا فيما “نمتلک” لحد الآن؟ ربما بعض ما نمتلک يکون أعظم و أثمن مما لا نمتلک و نحاول أن نحصل عليه. ولکن کيف نواجه هذه الممتلکات؟

لو تأملنا ندرک أنه ليس جميع نعم الله سوية من حيث القيمة و الأهمية، بل أنها تختلف حسب تأثيرها علی الحياة الأنسان الحقيقية. علی سبيل المثال بعض النعمات الإلهية لها الدور الأساسي و الرئيسي في نوعية معيشة الإنسان بصورة مباشرة. معرفة الدليل و الهادي و التسليم أمام تعليماته التي تُعتبر في نصوص الإسلامي بولاية، هي من إحدی هذه النعمات التی يشکل الطريقة الصحيحة للمعيشته. في الحقيقة ايّ نعم الله يعادل نعمة الولي و الهادي من حيث تعيين المصار. لکن هل نقدّر قيمة هذه النعمة کما شأنها؟   

الإمام الحسن العسکري (عليه السلام) يذکرنا  بهذا الأمر في ردّ جواب إسحاق بن إسماعيل النيسابوري حيث يقول:  

“سترنا الله و إياك بستره و تولاك في جميع أمورك بصنعه فهمت كتابك يرحمك الله و نحن بحمد الله و نعمته أهل بيت نرق على أوليائنا و نسر بتتابع إحسان الله إليهم و فضله لديهم‏ …

فاعلم يقينا يا إسحاق أنه من خرج من هذه الدنيا أعمى فهو في الآخرة أعمى و أضل سبيلا يا إسحاق ليس تعمى الأبصار و لكن تعمى القلوب التي في الصدور و ذلك قول الله في محكم كتابه حكاية عن الظالم إذ يقول “ربّ لم حشرتني أعمى‏ و قد كنت بصيراً قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها و كذلك اليوم تنسى”(1)

و أي آية أعظم من حجة الله على خلقه و أمينه في بلاده و شهيده على عباده من بعد من سلف من آبائه الأولين النبيين و آبائه الآخرين الوصيين عليهم أجمعين السلام و رحمة الله و بركاته‏…

إن الله بمنه و رحمته لما فرض عليكم الفرائض لم يفرض ذلك عليكم لحاجة منه إليكم بل برحمة منه لا إله إلا هو عليكم‏ …

ففرض عليكم الحج و العمرة و إقام الصلاة و إيتاء الزكاة و الصوم و الولاية و جعل لكم بابا تستفتحون به أبواب الفرائض و مفتاحا إلى سبيله‏…

فلما من عليكم بإقامة الأولياء بعد نبيكم قال الله في كتابه: “اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الإسلام ديناً”(2) ففرض عليكم لأوليائه حقوقا أمركم بأدائها … قال الله: “قل لا أسئلكم عليه أجراً إلّا المودّة في القربى‏”(3) و اعلموا أن “من يبخل فإنما يبخل عن نفسه و الله الغني و أنتم الفقراء”(4) لا إله إلا هو …

إياكم أن تفرطوا في جنب الله فتكونوا من الخاسرين فبعدا و سحقا لمن رغب عن طاعة الله و لم يقبل مواعظ أوليائه فقد أمركم الله بطاعته و طاعة رسوله و طاعة أولي الأمر(5) … اعملوا ما شئتم “فسيرى اللّه عملكم و رسوله و المؤمنون و ستردّون إلى‏ عالم الغيب و الشّهادة فينبّئكم بما كنتم تعملون”(6) و الحمد لله رب العالمين و صلى الله على محمد و آله أجمعين “

يا تری هل شکرنا الله سبحانه و تعالی علی هذه النعمة حق شکرها؟

 (مأخوذ من کتاب “تحف العقول” لسحن بن شعبة الحرّاني)

يعزِي موقع الرشد الثامن من ربيع الأول،

المسلمين بأجمعهم و خاصتاً أنت صديقنا العزيز،

ذکری استشهاد سيد و قائد اهل الإيمان و أب الإمام المنتظر،

الإمام حسن بن عليّ العسکري (علیهما السلام).

 … … … … … … … … … … … … … … … … … … … … …

الهوامش:

1- ” قال رب لم حشرتنی اعمى و قد کنت بصیرا- قال کذلک اتتک آیاتنا فنسیتها و کذلک الیوم تنسى” (سورة طه، الآیة 126- 125)

2-” … الیوم اکملت لکم دینکم و اتممت علیکم نعمتی و رضیت لکم الاسلام دینا …” (سورة مائده، الآیة 3)

3- ” … قل لا اسئلکم علیه اجرا الا المودة فی القربى … ” (سورة شورى، آیة 23)

4- ” … و من یبخل فانما یبخل عن نفسه و الله الغنی و انتم الفقراء … ” (سورة محمد، الآیة 38)

5- ” … اطیعوا الله و اطیعوا الرسول و اولی الامر منکم …” (سورة نساء، الآیة 59)

6- ” … فسیرى الله عملکم و رسوله و المؤمنون و ستردون الى عالم الغیب و الشهادة فینبئکم بما کنتم تعملون” (سورة توبة، الآیة 105)

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *